صفحة جزء
تحريف المشركين

وبيان التحريف: أن أولاد إسماعيل -عليه السلام- كانوا على شريعة جدهم الكبير حتى جاء «عمرو بن لحي»، فوضع لهم أصناما، وشرع لهم عبادتهم، واخترع لهم من بحيرة، وسائبة، وحام، واستقسام بأزلام، وما أشبه ذلك.

وقد وقعت هذه الحادثة قبل بعثته صلى الله عليه وسلم بثلاث مائة سنة تقريبا.

وكان الجهلة يتمسكون في هذا الباب بآثار آبائهم، وكانوا يعدون ذلك من الحجج القاطعة.

وقد بين الأنبياء السالفون الحشر والنشر، لكن ليس ذلك البيان بشرح، وبسط تضمنه القرآن العظيم.

ولذلك ما كان جمهور المشركين مطلعين عليه، وكانوا يستبعدونه.

وهؤلاء الجماعة، وإن اعترفوا بنبوة سيدنا إبراهيم، وسيدنا إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-، بل بنبوة سيدنا موسى أيضا، لكن كانت الصفات البشرية التي هي حجاب لجمال الأنبياء الكامل تشوشهم تشويشا، ولم يعرفوا حقيقة تدبير الله -عز وجل- الذي هو مقتضى بعثة الأنبياء. [ ص: 81 ]

فكانوا يستبعدون ذلك؛ لما ألفوا المماثلة بين الرسول والمرسل، فكانوا يوردون شبهات واهية غير مسموعة؛ كما قالوا: إنهم كيف يحتاجون إلى الشراب، والطعام، وهم أنبياء؟ وهلا يرسل الله -سبحانه وتعالى- الملائكة؟ ولم لا ينزل الوحي على كل إنسان على حدة؟ وعلى هذا الأسلوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية