صفحة جزء
الاحتفال بالمولد النبوي في شهر ربيع الأول بدعة

هؤلاء أهل البدع يحتفلون في شهر ربيع الأول لمولده صلى الله عليه وسلم ، وهؤلاء المقلدة يدعون محبته صلى الله عليه وسلم ، وهم واقعون في شرك الابتداع والأداء .

كم من بدع أحدثوها ويحدثونها في كل زمن ، وكم من داعية إليها في كل قطر وبلد!

بالله عليك ، هل المحبة تكون كذلك ، أم المودة تدعو إلى ما هنالك ، أم المحبة ألا يخالف المحب محبوبه في نقير وقطمير ، ولا يسلك بضده مسلك تأويل ، وتحريف ، وتفسير؟ .

والله رب الكعبة! لا يقول بهذا جاهل أبدا ، فضلا عن عاقل .

فأين أنت يا هذا من الشعور؟ وما هذا الصنيع منك إلا عين القصور ، فتب إلى الله تعالى من البدعات ، والتقليدات ، ومحدثات الأمور ، وقصر نفسك الأمارة بالسوء على اتباع الكتاب العزيز ، والسنة المطهرة الواضحة الضياء والنور ، وبالله التوفيق .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من تمسك بسنتي عند فساد أمتي» وخروجها عن دائرة السنة والتقصير في العمل بها ، «فله أجر مائة شهيد» كناية عن غاية الجهد والمشقة في هذا ، وحصول كمال الفضيلة والثواب عليه . رواه البيهقي في كتاب «الزهد» له من حديث ابن عباس ، وبيض له في «المشكاة» . وفي هذا الحديث بشارة عظيمة للعامل بالحديث; لأن التمسك عبارة عن الاعتمال .

[ ص: 48 ] والمراد بالفساد : غلبة البدع والجهالات ، وابتلاء الناس بها .

وإذا كان أجر شهيد واحد يزيد على أجور غيره ، فكيف بمن يعطى أجر مائة شهيد؟!

وإطلاق الشهيد يشير إلى أن المراد به : الشهيد في سبيل الله; أي : الشهادة الكبرى دون الصغرى; لأن في العمل بالسنة من الآفات والامتحانات ما لا يساويه إلا مشقة الجهاد في سبيل الله تعالى . والله أعلم .

عن جابر - رضي الله عنه - ، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه عمر - رضي الله عنه - فقال : إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا ، أفترى أن نكتب بعضها؟ فقال; أي : زجرا وإنكارا ، وتوبيخا ، وتقريعا : «متهوكون أنتم !» ; أي : متحيرون في كتابكم وفي دينكم ، حتى تأخذوا العلم من غير كتابكم ، وتستفيدوا منهم كما تهوكت اليهود والنصارى؟» وقعوا في تيه الحيرة ، ووادي الاشتباه ، حيث نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، واتبعوا أهواء أحبارهم ورهبانهم ، وقدموها على التوراة والإنجيل «لقد جئتكم بها» ; أي : بالملة الحنيفية ، بقرينة الكلام بيضاء نقية» ; أي : واضحة ظاهرة صافية ، خالصة ، خالية عن الشك ، والشبه ، والقصور ، والفتور فيها ، مبرأة من الاشتباه والالتباس ، «ولو كان موسى حيا ، ما وسعه إلا اتباعي» ، فكيف بقومه وعامة الناس من غيرهم؟ لأن الشرائع كلها قد نسخت بشريعتي هذه ، فكيف يجوز لكم أن تطلبوا فائدة أو عائدة من قومه - عليه السلام - ، مع وجودي ووجود ملتي التي هي اتباع القرآن والحديث؟ . رواه أحمد ، والبيهقي في «شعب الإيمان» .

التالي السابق


الخدمات العلمية