لا تقليد في الدين الإسلامي 
وهذا الحديث نص قاطع وبرهان ساطع على 
رد التقليد; لأنه إذا لم يسع 
لموسى  النبي صلى الله عليه وسلم إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم ، فمن ذاك الذي يجب تقليده واتباعه في الدين؟ . 
وفي لفظة 
nindex.php?page=hadith&LINKID=695468«البيضاء النقية» إشارة إلى أن أحكامها لا تحتاج إلى مزيد إيضاح  
[ ص: 49 ] بإلحاق الأقيسة والآراء ، وضم التفاريع المبنية على الأهواء; لأنها إذا تكون محتاجة إلى ذلك ، فلا يصح القصر عليها . 
وإنما يستقيم اتباعها إذا ثبت كونها كاملة تامة واضحة غير خفية . وهي كذلك ولله الحمد . 
ويؤيده قوله تعالى : 
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا  . 
فهذه الملة الحنيفية السمحة السهلة البيضاء النقية ، أدلتها وافية كافية شافية لفصل جميع الخصومات ، وقطع المنازعات ، وقضايا الحوادث الآتيات ، بعموماتها وخصوصاتها ، لا ملجئ لعارفها إلى إدراك ما قرره أهل الرأي ، وحرره أصحاب البدع والأهواء . 
ولولا ذلك ، لما قال تعالى : 
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ، ثم قيده بقوله : 
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، فأفاد أن الرد عند التنازع إلى غيرهما مناف للإيمان ، ولهذا قال : 
ذلك  ; أي : الرد 
خير وأحسن تأويلا  [النساء : 59] . إنك يا مسكين إذا تأملت في صنائع أهل الرأي والهوى ، أدركت أن كل آفة وقعت في الإسلام ، وكل غربة جاءت فيه إنما نشأت من عدم الرد إلى الله ورسوله ، والرد إلى الأحبار والرهبان ، وتقديم أقوالهم على الآيات البينات والأحاديث الصحيحات ، بنوع من التحريف والتأويل والانتحال . اللهم وفقنا لصالح الأعمال ، وجنبنا عما يهلكنا في الحال ، أو في المآل . 
وفي حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر   : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=709238أن  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسخة من التوراة ، فقال : يا رسول الله ! هذه نسخة من التوراة ، فسكت ، فجعل يقرأ ، ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير . 
فقال  nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر   : ثكلتك الثواكل ، أما ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا . 
 [ ص: 50 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفس محمد بيده! لو بدا لكم موسى  فاتبعتموه وتركتموني ، لضللتم عن سواء السبيل ، ولو كان حيا وأدرك نبوتي ، لاتبعني» رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14274الدارمي   . 
وهذا أوضح من الأول ، وفيه 
القضاء بالضلال على من تبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان في أعلى مرتبة من النبوة ، فكيف باتباع من ليس بنبي ، ولا برسول بل من آحاد الأمة ، ومتعبد بكتاب الله وسنة رسوله كغيره من العباد; مثل أئمة الملة الأربعة وغيرهم من الأحبار والرهبان؟! وهذا يفيد أن تقليد الرجال ، واتباع القيل والقال ، ضلال وجهل ووبال . 
ولا يجوز لأحد أن يقلد أحدا في شيء ، حتى يوافق قوله قول الرسول المعصوم عن الخطأ . 
فيكون اتباعه له في الحقيقة اتباع الدليل ، لا تقليد ذلك الإمام الجليل . 
وحيث إن أكثر الناس الجهلة ، لا يعلمون الفرق بين التقليد والاتباع ، يطعنون في العاملين بالحديث على قبول الدليل الذي ذكره أحد من أئمة الحديث وفقه السنة ، ولا يدرون أن بين قبول الرأي وقبول الرواية بونا بعيدا . ومن لم يفرق بينهما ، فليس أهلا للخطاب ، والله أعلم بالصواب . 
ذم الجدل وما جاء فيه من زواجر النصوص في الكتاب والسنة 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة   - رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=665546«ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه ، إلا أوتوا الجدل»  . الجدل - بفتحتين - : الشدة في الخصومة ، والعناد ، والتعصب ، والمراء لترويج المذهب ، من غير أن يكون له نصرة على ما هو الحق وذلك محرم ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الشريفة الواردة في جدل الكفار وخصومتهم : 
ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون  [الزخرف : 58] .  
[ ص: 51 ] قال في «أشعة اللمعات» : سبب نزولها : أنه لما نزل قوله سبحانه : 
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم  [الأنبياء : 98] ، فرح المشركون ، وصاحوا : إن آلهتنا ليست بخير من 
المسيح  ، فإذا كان 
عيسى  معبود النصارى في النار بحكم هذه الآية ، فنحن راضون بكون آلهتنا فيها ، يعني : 
شادم كه أزر قيبان دامن فشان كذشتي كومشت خاك مم بربا درفته باشد 
فأنزل الله : 
ما ضربوه لك إلخ; يعني بحثهم هذا معك مبني على الجدل والخصام ، وإلا فليس قوله تعالى : 
وما تعبدون شاملا 
لعيسى   - عليه السلام-; لأن كلمة «ما» لغير ذوي العقول ، كما أن كلمة «من» لهم . 
وأن هؤلاء الكفار يعلمون أن لغة العرب هكذا فبحثهم بعد هذا العلم محض الجدل ، والتعصب الصرف . 
قيل إن 
ابن الزبعرى  من المشركين بحث في ذلك ، فقال له صلى الله عليه وسلم : 
«ما أجهلك بلسان قومك !» انتهى . رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه   . 
والحديث دل على 
ذم الجدل ، وقبحه  . وفيه استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بالآية النازلة في شأن المشركين والكفار ، على أهل هذه الأمة; تحذيرا لهم عن مثل هذا الصنيع; لأن هذه الأمة هي التي أوتيت هدى ثم سرى فيها الجدل والخصام . 
ومثل هذا استدلال العلماء الموحدين بالآيات التي وردت في حق الكفار والمشركين من أهل الكتاب وغيرهم ، واحتجاجهم بها على مشركي هذه الأمة ، وعابدي القبور والأموات . 
فكان هذا أيضا حجة على صحة هذا الطريق الاستدلالي . كيف والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، كما تقرر في الأصول ، وقال به جماعة من الأعلام الفحول؟! 
فمن زعم أن الاحتجاج بها مقصور على من وردت في حقه ، ولا يتعدى حكمها إلى غيره من مشركي هذه الأمة الذين يدعون الإسلام ويقولون بالكلمة ، ويصلون ويصومون ، ويحجون ، ويزكون ، وهم أهل البدع المضلة ، والأهواء  
[ ص: 52 ] الموبقة ، فاعلون لأنواع الإشراك في العبادات والعادات ، فهو محجوج بهذا الحديث الشريف; لأن الذي جاء إلينا بالقرآن ، جاء بهذا البيان ، وليست قرية وراء عبادان . 
وأيضا أفاد هذا الحديث أن الجدل خلاف الهدى ، وحكمه حكم الضلالة ، وصاحبه ضال غير مهدي ، وهذا نص في محل النزاع . 
ولكن سول إبليس لكثير من الناس ، حتى زعموا أن العلم هو هذا الجدل . 
وطال ذلك منهم إلى أن دونت طوامير كثيرة ، ودفاتر عظيمة ، حتى دخل في الأصول والفروع كلها ، ويئس أهل الحق عن أهله أن يؤمنوا بالله ورسوله ، ويأخذوا الهدى من الكتاب والسنة . 
ومن عظائم العاهات : أن هذا الجدل يزداد كل يوم ، في كل جيل وقبيل ، إلا شرذمة قليلة متبعة للأخبار ، وهم غرباء الإسلام ، أصحاب الحديث والقرآن ، فطوبى لهم وحسن مآب . 
وقد قال صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=664286«من ترك المراء وهو محق ، بني له بيت في ربض الجنة» ، أو كما قال . 
فتقرر أن تارك الجدال من أهل الجنة ، - إن شاء الله تعالى - ، وصاحب الجدال من أرباب الضلال . اللهم وفقنا . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس   - رضي الله عنه - : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=939037«لا تشددوا على أنفسكم»  ; أي : بارتكاب الرياضات الصعبة ، والمجاهدات الشاقة ، التي لا تطيقها النفس وبالتزامها عليها ، وتحريم ما أباحه الله وأحله ويسره . 
قال في «المرقاة» : كصوم الدهر ، وإحياء الليل كله ، واعتزال النساء ، انتهى . 
قلت : وكما يحكى عن أكثر أهل السلوك المتصوفة الجهلة من هذه الأمة ، وكما يحكيها أهل المذاهب عن الأئمة ، فقد ذكروا في مناقب بعضهم أنه كان يعبد كذا وكذا في اليوم والليلة ، وكان يصلي الصبح بوضوء العشاء ، إلى غير ذلك من أشباه هذه الفضائل ، مع أنه ليس لذلك سند متصل إليه حتى يعتمد عليه .  
[ ص: 53 ] والظاهر : أن ذلك حسن ظن من مقلديهم بهم ، واعتبار بأفواه العامة فيهم . 
وإن ثبت أنهم كانوا كذلك في هذه الصنائع ، فبالله عليك ! قل لي : هل هذا التشديد مستحسن ، يدل عليه دليل من الكتاب والسنة؟ أم هو منهي عنه على لسان الشارع - عليه السلام - في هذا الحديث وفي القرآن؟ والأصل في النهي التحريم كما تقرر في الأصول . 
وكيف يسوغ لأحد من آحاد الأمة أن يتجرأ على الله ورسوله ، ويأتي بما نهي عنه ، فضلا عن أن يرتكبه من هو في أعلى مرتبة من العلم والعمل والتقوى؟ 
فأين أنت - يا قاصر العقل - من اعتقاد مثل هذه الخرافات؟! بل في ذكر نحو هذه المناقب نقص على أصحابها ، وموقع ضحك لأعداء الإسلام . والله أعلم بما كانوا يعملون . 
nindex.php?page=hadith&LINKID=939037«فيشدد الله عليكم»  ; أي : يفرضها عليكم ، فتقعوا في الشدة ، أو بأن يفوت عنكم بعض ما أوجب عليكم بسبب ضعفكم من تحمل المشاق . 
ويحتمل أن يكون المعنى : فيشدد عليكم في العقاب على ابتداع هذه البدع في العبادات والرياضات; لأنها زيادة على كمال الدين; 
nindex.php?page=hadith&LINKID=939037«فإن قوما شددوا على أنفسهم ، فشدد الله عليهم ، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار»  . 
الصومعة - بفتح الميم - : معبد النصارى ، والدير : معبد الرهبان . ونظيرها في الإسلام : المساجد والخانقات . 
والأول : معبد الأحبار . والثاني : معبد الرهبان من هذه الملة ، وما أشبه الليلة بالبارحة! 
ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم المراد بها المبالغة في العبادة والرياضة ، وفي الانقطاع من الناس ، ولبس المسوح ، وتعليق السلاسل في الأعناق ، وقطع المذاكير ، والفرار إلى الأودية والجبال ونحوها; مما كان يفعله رهبان أهل الكتاب ، وزهادهم .  
[ ص: 54 ] فقال : إن هذه الأشياء اخترعها هؤلاء ، وابتدعوها من تلقائهم ، من غير أن كنا كتبناها عليهم . 
ثم قال في آخر الآية : 
فما رعوها حق رعايتها هكذا في «الأشعة» . 
وأقول : قد أحدث رهبان هذه الأمة وزهادها وعبادها و مشايخها رياضات أخرى ، وبدعات كثيرة ، لا مستند لها في شيء من القرآن والحديث ، ولقنوها مريديهم ومعتقديهم ، وبالغوا في ذلك حتى خرجوا من الحد الأوسط ، ووقعوا في الإفراط . 
وقابلهم أحبار هذه الأمة ، ففرطوا في هذه ، حتى زعموا أن العلم عبارة عن الجدل والكلام ، والرد على أهل العلم ، لا سيما على المعاصرين منهم ، والاقتحام في المناظرة والمكابرة ، ووهنوا بسبب هذه العاهة عن العمل ، كأن العمل عندهم هذا العمل . 
ووفق الله تعالى عصابة من أهل الحق ، فجاؤوا في العبادات بما ثبت عن سيد العابدين ، وقصروا عليها ، ولم يبالغوا ، ولم يشددوا ، ولم يرضوا بالرهبانية ، وأتوا في العلوم بترك الجدال والقتال والمناظرات والمكابرات; احتسابا عند الله ، وهؤلاء هم خلاصة الأمة . والله أعلم . رواه أبو داود . 
قال في «ترجمة المشكاة» : جاء 
أحمد بن الحواري  إلى أستاذه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12032أبي سليمان الداراني  ، وقال : ارتاض بنو إسرائيل حتى صاروا كالزقاق البالية ، وأوتار القسية ، ونحن نأكل ونلبس وننعم ويتحلل روحنا ، ماذا هذا الحال؟ وكيف يكون المآل؟ 
فقال 
أبو سليمان   : كنت أعلم أنك تأتي بهذا . اعلم يا أحمد : أن الذي يطلب منا هو الصدق والإخلاص ، لا الحرقة والذوب ، وإن عملت عشرة أيام ، وأخلصت فيه ، خير لك أن تحرق وتذوب عشرة أعوام ، إنما المطلوب رضاء الحق تعالى كما قال : 
ومن لم يكن للوصال أهلا فكل إحسانه ذنوب 
انتهى .  
[ ص: 55 ] وبالجملة : مراد الله سبحانه من عباده في عبادته : إخلاص النية ، وصواب العمل . 
والإخلاص : أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا  . والصواب : أن تعمل بالسنة المطهرة ، ولا تبتدع شيئا ، ولا تأخذ من بدع غيرك شيئا . 
عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس  مرسلا ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=888147«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله ، وسنة رسوله» رواه في «الموطأ» . 
هو اسم كتاب الإمام 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، قرئ مقصورا وممدودا ، وكلاهما صحيح ، وهو كتاب قديم مبارك ، سابق على جميع الكتب الإسلامية ، وصاحبه إمام من أئمة السنة والجماعة . 
والمرسل في الاصطلاح المشهور : رواية التابعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والأولى أن يقال : «تعليقا» موضع «مرسلا» . 
والحديث دليل على أن 
عدم الضلال معلق بتمسك الكتاب والسنة ، وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم تركهما آلة للهداية والرشد في الأمة ، ولم يترك شيئا سواهما تتمسك به أمته بعده . 
فتقرر أن أصول الإسلام هي هذان الأصلان ، لا ثالث ، ولا رابع لهما ، وأن المتمسك بهما على هدى ، وأن غير المتمسك بهما على ضلال . 
وهذا الحق ليس به خفاء     فدعني عن بنيات الطريق 
ومن قال : إن الأصل الثالث الإجماع ، والرابع القياس ، فقد عارض حكمه صلى الله عليه وسلم برأيه ، وأساء الأدب معه - عليه السلام - . 
وكيف يكون ما لم يأت عن الله ولا عن رسوله أصلا للأمة ، وقد أتى به من هو من آحادها ، ومتعبد بهما كغيره؟  
[ ص: 56 ] فيا لله للعجب من أقوام قالوا : إن الأصول أربعة ، والسنة تقضي بخلاف قولهم ، وترشد في مواضع كثيرة إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ، وفي القرآن والأحاديث من ذلك كثير طيب ، لا يحصره المقام . 
وقد وصف الله رسوله بقوله : 
ويعلمهم الكتاب والحكمة  [البقرة : 129) . 
والمراد بالحكمة : السنة ، كما نص عليه جمع جم من المفسرين ، وتبعهم جماعة من المحدثين . 
وقد قال سبحانه : 
أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب  [العنكبوت : 51]؟ 
وهذا صريح في أن الكتاب يكفي الأمة . 
ويؤيده رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   - رضي الله عنه - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=939475«من تعلم كتاب الله ، ثم اتبع ما فيه ، هداه الله من الضلالة في الدنيا ، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب»  . 
وفي رواية قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=930925«من اقتدى بكتاب الله ، لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة ، ثم تلا هذه الآية : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى  [طه : 123] . رواه 
رزين   . وفي الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=886015«من رغب عن سنتي ، فليس مني»  . 
وعن 
غضيف بن الحارث الثمالي  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=931015«ما أحدث قوم بدعة ، إلا رفع مثلها من السنة ، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة» رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد   . 
قال في «المرقاة» في قوله : «فتمسك بسنة» ; أي : صغيرة أو قليلة; كإحياء آداب الخلاء مثلا على ما ورد في السنة أفضل من حسنة عظيمة; كبناء رباط ومدرسة . انتهى . 
وقال في ترجمة «المشكاة» : التمسك بالسنة - وإن كانت قليلة - خير من ابتداع بدعة - وإن كانت حسنة . 
لأن باتباع السنة يتولد النور ، وبالابتلاء في البدعة تأتي الظلمة .  
[ ص: 57 ] مثلا رعاية آداب الخلاء ، والاستنجاء على الوجه المسنون ، خير من بناء الرباط والمدرسة . 
كيف والسالك برعاية آداب السنن يترقى بمقام القرب ، وبتركها يتنزل عنه ، وذلك يؤدي إلى ترك الأفضل منه حتى يصل إلى مرتبة قساوة القلب التي يقال لها : «الرين» ، «والطبع» ، «والختم» - نعوذ بالله من ذلك . . انتهى . 
قلت : وما أجل إنصاف هذا الترجمان في هذا الموضع الذي هو مزلة الأقدام من أكثر الأعلام لما نص في هذا الكلام على أن البدعة الحسنة مورثة لقساوة القلب ، ومؤدية إلى الرين والطبع والختم ، وأن أيسر السنة وأدناها موجبة لنور الإيمان ، وترقي الإنسان إلى مقام القرب من الرحمن . 
والرين إشارة إلى قوله سبحانه : 
بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون  [المطففين : 14] . والطبع إشارة إلى قوله : 
وطبع الله على قلوبهم  [التوبة : 93] ، والختم إلى قوله : 
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة  [البقرة : 7] ، فإذا ثبت أن هذه الثلاثة مرتبة على العمل بالبدعة الحسنة ، فلا ضرورة تدعو إلى تقسيم البدع إلى السيئة والحسنة ، بل الذي ينبغي أن يقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=667821«إن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار»  . 
ولا ريب أن الختم والطبع والرين من أوصاف الكفار والمشركين . 
فإذا حصلت - ونعوذ بالله منها - لأحد من المسلمين ، فكأنه خرج عن سمة الإسلام ، ودخل في زمرة الكفرة الفجرة . 
وأيضا في هذا الحديث : دليل على أن إحداث البدعة سبب لرفع السنة مثلها ، وهذا موجود مشاهد . 
انظر إلى هذه الفتاوى الفقهية المتولدة من خالص الرأي ، والكتب الفرعية الحاصلة من اجتهادات العلماء ، وكيف حدثت ، فرفع مثلها من دواوين السنة ،  
[ ص: 58 ] ومجامع الأحاديث ما لا يأتي عليه الحصر ، إلى أن فقد درس الحديث والقرآن ، وقام مقامه سبق الوقاية والهداية والبرهان . 
فهذا الحديث علم من أعلام النبوة ، جامع للكلم والحكم الكثيرة ، شامل لجميع البدع المشؤومة ، مخبر برفع السنن عن الأمة . 
وقد قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=144حسان   - رضي الله عنه - : «ما ابتدع قوم بدعة في دينهم ، إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة» رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14274الدارمي   .