صفحة جزء
علامة موت القلب

قال ابن عطاء الله الإسكندري في «الحكم» : علامة موت القلب : عدم التحسر والحزن على فوات الطاعة ، وعدم الندامة والخجالة على وجود الزلات .

قال : يا رسول الله! فما الإثم؟ قال : «إذا حاك في نفسك شيء ، فدعه» يعني : أن هذه الحياكة أمارة لكونه معصية ، وإثما ، وجريمة ، وجريرة .

وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : «استفت قلبك ، ولو أفتاك المفتون» .

قال في الترجمة : المراد بهذا القلب : الفؤاد القدسي المتحلي بحلية التقوى ، المتنور بنور الإيمان ، الصافي بصفاء اليقين .

[ ص: 122 ] فمثل هذا القلب ، إذا تردد في فعل شيء ، ويختلج فيه ، فذلك علامة أن في هذا شيئا من الإثم .

وليس المراد به : القلب عامة المؤمنين ، المحشو بظلمة المعصية والكدورة ، الذي ينكر معروفا ، ويعرف منكرا .

وقال : وتعتبر فتوى القلب في موضع فقدت أو تعارضت فيه دلائل الشرع ، كما لا يوجد نص من القرآن ، والحديث ، والإجماع ، وكانت أقوال أهل العلم هناك متعارضة متخالفة ، فتعتبر فتوى القلب ، وشرح الصدر; لترجيح قول على قول . انتهى .

قلت : وهذا الحديث أيضا من أحاديث التبشير والترغيب والتسلية . رواه أحمد .

ويوضحه حديث أبي هريرة مرفوعا : «إذا أحسن أحدكم إسلامه ، فكل حسن يعملها ، تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله» متفق عليه .

وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله! من معك في هذا الأمر؟ قال : «حر وعبد» . يعني : أبا بكر ، وبلالا ، وقيل : أراد بالعبد : زيد بن حارثة ، والأول أصح; لما في رواية أخرى عند مسلم : ومعه أبو بكر وبلال . وقيل : المراد : كل الناس من العباد والأحرار ، كأنه أخبر من مستقبل الأمر ، وفيه تكلف .

قلت : ما الإسلام؟ أي : خصاله وعلاماته ، «قال : طيب الكلام ، وإطعام الطعام» .

الظاهر : أن المقصود ذكر مكارم الأخلاق ، وحمائد الصفات ، لكن اكتفى [ ص: 123 ] من جملتها بذكر هذين الوصفين ، هما : التواضع ، والسخاوة; فإنهما أصل ، أو هما أدخل وأصلح بحال السائل ، وكذلك الكلام في قوله : قلت : ما الإيمان؟ أي : شعبه قال : «الصبر والسماحة» .

قيل : محصل جملة خصال الإيمان هاتان الصفتان; لأن في الأولى إشارة إلى ترك المنهيات كلها ، وفي الثانية إيماء بفعل المأمورات جميعها ، كما فسرها الحسن البصري بقوله : الصبر عن معصية الله ، والسماحة على أداء فرائض الله .

قال : قلت : أي الإسلام أفضل؟ أي : أي خلق من أخلاقه ، وأي صفة من صفاته خير ، وأي المسلم أفضل قال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» .

تقدم شرحه قريبا : قال : قلت : أي الإيمان أفضل؟ أي : أي خصلة من خصاله وشعبة من شعبه خير؟ قال : «خلق حسن» ; فإنه أصل الأعمال ، وأصعبها على النفس ، وأنفعها للخلق . قال : قلت : أي الصلاة أفضل؟ أي : أي ركن من أركانها ، وأي فعل من أفعالها خير؟ قال : «طول القنوت» .

التالي السابق


الخدمات العلمية