صفحة جزء
أقسام الناس باعتبار تنوع مواقفهم من قضاء الله وقدره

فمن نظر إلى الحقيقة ، وأعرض عن الأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، كان مشابها للمشركين .

ومن نظر إلى الأمر والنهي ، وكذب القضاء والقدر ، كان مشابها للمجوس .

ومن آمن بهذا وبهذا ، فإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء ، استغفر الله ، وعلم أن ذلك بقضاء الله وقدره ، فهذا من المؤمنين .

[ ص: 163 ] فإن آدم - عليه السلام - لما أذنب ، تاب ، فاجتباه وهداه ، وإبليس أصر ، واحتج بالقدر ، فلعنه الله وأقصاه .

فمن تاب ، كان آدميا ، ومن أصر واحتج بالقدر ، كان إبليسيا .

فالسعداء يتبعون أباهم آدم ، والأشقياء يتبعون عدوهم إبليس ، فنسأل الله العظيم أن يهدينا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . انتهى . اللهم آمين .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن نتنازع في القدر ، فغضب حتى احمر وجهه ، حتى كأنما فقئ في وجنتيه حب الرمان . فقئ - بصيغة المفعول - : أي شق أو عصر في خديه ، فهو كناية عن مزيد حمرة وجهه المبارك ، المنبئة عن مزيد غضبه .

وإنما غضب; لأن القدر سر من أسرار الله تعالى ، وطلب سر الله منهي عنه . كذا في «المرقاة» . فقال : «أبهذا أمرتم ، أم بهذا أرسلت إليكم ؟» ; أي : بالتنازع في مسألة القدر والقضاء ، «إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر» ; أي : مسألة القدر والجبر ، التي يتنازعون فيها وتخوضون ، «عزمت عليكم ، عزمت عليكم» ; أي : أقسمت ، أو أوجبت «ألا تنازعوا فيه» ، بل كلوه إلى عالمه ، وهو الله - عز وجل - . رواه الترمذي .

وروى ابن ماجه نحوه عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده .

التالي السابق


الخدمات العلمية