صفحة جزء
حكم من تكلم في القدر ومن أمسك عنه

وعن عائشة - رضي الله عنها - ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من تكلم في شيء من القدر ، سئل عنه يوم القيامة ، ومن لم يتكلم فيه ، لم يسأل عنه» رواه ابن ماجه .

قال في الترجمة : يعني : بحث في شيء من مسائل القضاء والقدر وأحكامهما .

والمقصود : الزجر والمنع من الخوض فيه ، والوقوع في هذه المسألة; أي : لا فائدة في التكلم والوقوع فيها ، إلا المسؤولية والعتاب يوم القيامة .

فالأولى أن يؤمن به ويسكت ، ويشتغل بالعمل ، ولا يبحث عنه . انتهى .

قلت : وهذه المسألة مما خالف فيه المتكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يرفعوا إلى ما قال رأسا ، وهم مسؤولون بنص هذا الحديث كما قال تعالى : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون [الأنبياء : 23] .

وعن نافع : أن رجلا أتى ابن عمر ، فقال : إن فلانا يقرئ عليك السلام - وسمى رجلا كان على مذهب القدر ، وأحدث هذه البدعة ، فقال : إنه بلغني أنه قد أحدث; أي : ابتدع في الدين ما ليس منه ، وهو التكذيب بالقدر وإنكاره ، فإن كان قد أحدث ، فلا تقرئه مني السلام; كناية عن عدم قبول السلام ، كذا قاله الطيبي . والأظهر : أن مراده : أن لا تبلغه مني السلام ، أو رده ، فإنه ببدعته لا يستحق [ ص: 166 ] جواب السلام ، ولو كان من أهل الإسلام . كذا في «المرقاة» ; فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يكون في - أمتي أو في هذه الأمة - خسف ومسخ أو قذف في أهل القدر» . قال في الترجمة : ومن هنا علم أن ظهور هذه البدعة ، وحدوث هذا المذهب ، كان في أواخر زمن الصحابة - رضي الله عنهم - . انتهى . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب .

قلت : ومن المكذبين بالقدر : الفرقة النابغة في هذا العصر المسماة بالنيفرية ، وهم الدهرية في الحقيقة ، أنكروا القضاء والقدر ، واتكلوا على التدبير ، تبعا للطائفة الضالة ، واستطار شرهم إلى أكثر العوام ، وعبد الدراهم والدنانير .

فما أحقهم بترك السلام والكلام !! ؟ وإن ادعوا أنهم من أهل الإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية