صفحة جزء
الحكام ملزومون بأن يحكموا بالكتاب والسنة

وأما الحكام من أهل الرياسة والدولة، فحكمهم أيضا حكم هؤلاء في إمضاء الأوامر والنواهي بما أنزل الله، وهو الكتاب المنزل من السماء على الرسول -صلى الله عليه وسلم- والحديث المنزل من قلب الرسول ولسانه على الأمة.

ولكن فسد الزمان فسادا بالغا، وظهر الشر في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.

فلا يوجد واحد في ألف من الولاة والقضاة وأهل الفتوى، يحكم بذلك، أو يعرفه، أو يعلمه، بل أكثر الرؤساء تابعون للفرق الضالة، لا يجدون بدا من طاعتهم في الحكم الطاغوتي، والقضاء الجبتي، وإن كان بعضهم عالما بما أنزل الله، والآية الشريفة تنادي عليهم بالكفر، وتتناول كل من لم يحكم بما أنزل الله، اللهم إلا أن يكون الإكراه لهم عذرا في ذلك، أو يعتبر الاستخفاف أو الاستحلال؛ لأن هذه القيود إذا لم تعتبر فيهم لا يكون أحد منهم ناجيا من الكفر والنار أبدا.

فالحاصل من مجموع الكلام على هذا المقام: أن الحكم بالكتاب والسنة الصحيحة واجب مفترض، متحتم على كل أحد من الولاة والرؤساء والملوك والحكام، وعلى أتباعهم المأمورين من قبلهم على القضاء والفتيا، بعد معرفة الحق.

ومن لم يحكم بهما في الأمور العبادية والأحوال السياسية، وما يليها، مع [ ص: 290 ] العلم بها من الكتاب والسنة، ومع القدرة على إمضائها في الأقوياء والضعفاء، فهو من أهل هذه الآية، أعاذنا الله منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية