صفحة جزء
حكم لباس الشهرة وبيان معناه

وعن لباس الشهرة؛ لما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، ورجال إسناده ثقات.

قال في "المرقاة": ثوب شهرة؛ أي: ثوب تكبر وتفاخر وتجبر، أو ما يتخذه المتزهد ليشهر نفسه بالزهد، أو ما يشعر به المتعبد من علامة السيادة؛ كالثوب الأخضر، أو ما يلبسه المتفقه من لبس الفقهاء، والحال أنه من جملة السفهاء. انتهى.

[ ص: 484 ] ومن هذا الوادي المثل السائر: "عهدي بك سفيها، فمتى صرت فقيها؟".

وقال في "الروضة الندية": المراد به: الثوب الذي يشهر لابسه بين الناس، ويلحق بالثوب غيره من اللبوس ونحوه مما يشهر به اللابس له لوجود العلة. انتهى.

والظاهر: أن كل ثوب لم يرد به شرع، ولم يثبت به لبس السلف الصالح من الصحابة والتابعين، وليس من زي العرب، ولا زي الإسلام، ففيه الشهرة بين الأنام، وهو مصداق هذا الحديث، وكم مضت من مدة طولى على الإسلام وأهله ترك فيهم اللباس الأول الذي كان للمسلمين وكانوا عليه، وخلقت منه ثياب غريبة الأشكال عجيبة الألوان من زي الأعاجم وأهل الكتاب، ويزيد لونه وشكله كل يوم في البلاد، ويتخذها الناس سنة ورونقا وريشا، وينرون موضعه لباسا من اللباسات التي كانت لهم معتادة من جهة الملة الإسلامية من قديم الزمان، وهذا من أشراط الساعة: وكان أمر الله قدرا مقدورا [الأحزاب: 38].

التالي السابق


الخدمات العلمية