صفحة جزء
بيان حكم المخنثين والمترجلات

وعن تشبه الرجال بالنساء؛ فلما روي عن ابن عباس، قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال؛ أي: المتشبهين بالنساء في اللباس والكلام وهيئة القعود والقيام، وفي كل شيء مخصوص بهن بالغنج والدلال ونحوها من الخلق والخلق. والمترجلات من النساء؛ أي: المتشبهات بالرجال في كل شيء يختص بهم من هيئة الثوب وركوب الخيل وربط العمامة والتنعل والتكلم ونحوها. وقال: "أخرجوهم من بيوتكم" رواه البخاري.

فيه: أنه ليس على هؤلاء وتلك حد يحدون به إلا هذا التعزير، وهو الإخراج من الديار والمساكن، وأنهم مبعدون عن رحمة الله، ملعونون على أفعالهم وأفعالهن هذه.

وعنه - رضي الله عنه -، يرفعه بلفظ: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" وهو عند البخاري أيضا.

ويزيده إيضاحا ما روي عن أبي هريرة، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بال هذا؟!"، قالوا: يتشبه بالنساء، فأمر به، فنفي إلى النقيع - بالنون -: موضع بالمدينة كان حمى، فقيل: يا رسول الله! ألا نقتله؟ فقال: إني نهيت عن قتل المصلين" رواه أبو داود.

وهذا يدل على أن إخراجهم من البيوت يكفي، ولا ينفون عن البلد، وأنه ليس عليهم قصاص ولا حد إلا ما ذكر في الحديث.

[ ص: 489 ] وعنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل. رواه أبو داود.

وعن ابن [أبي] مليكة، قال: قيل لعائشة: إن امرأة تلبس النعل؟ قالت: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء. أخرجه أبو داود.

وفيه صراحة بأن لبس المرأة نعال الرجال سبب للعنة، وكذا حكم سائر التشبه من الزينة بالحناء، ولبس الثياب الملونة الخاصة بهن.

والحاصل: أن تشبه الرجال بهن، وتشبههن بهم، حرام محرم، كبيرة من الكبائر، لا يجوز لأحد منهما بحال، فمن فعل، فما أحقه بالإخراج من الدار، وباللعنة من الله القهار، اللهم احفظنا ونساءنا.

وأسباب التشبه فيما بينهم كثيرة جدا لا تخفى على مختبر عارف بأحوال الخلق.

والمخنثون من الرجال والمترجلات من النساء كثيرا ما يوجدون في البلاد الهندية وغيرها، ولا علاج لذلك.

لكن العجب من الذين يتبوؤنهم الدار، ويخالفون السنة المطهرة، مع أن الواجب على كل من يقدر على شيء من هذه أن يمتثل هذا الأمر الشريف، ولا تأخذه رأفة في دين الله، ولا عصبية جاهلية في ذوي القربى.

التالي السابق


الخدمات العلمية