السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 74 ] ومن المستحقين : ذوو الحاجات ، فإن الفقهاء قد اختلفوا هل يقدمون في غير الصدقات ، من الفيء ونحوه على غيرهم ؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره ، منهم من قال : يقدمون ، ومنهم من قال : المال استحق بالإسلام ، فيشتركون فيه ، كما يشترك الورثة في الميراث .

والصحيح أنهم يقدمون ، فإن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم ذوي الحاجات ، كما قدمهم في مال بني النضير } وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليس أحد أحق بهذا المال من أحد ، إنما هو الرجل وسابقته ، والرجل وغناؤه ، والرجل وبلاؤه ، والرجل وحاجته فجعلهم عمر رضي الله عنه أربعة أقسام :

( الأول ) : ذوو السوابق الذين بسابقتهم حصل المال .

( الثاني ) : من يغني عن المسلمين في جلب المنافع له ، كولاة الأمور والعلماء الذين يجعلون لهم منافع الدين والدنيا . [ ص: 75 ]

( الثالث ) : من يبلي بلاء حسنا في دفع الضرر عنهم ، كالمجاهدين في سبيل الله من الأجناد والعيون من القصاد والناصحين ونحوهم .

( الرابع ) : ذوو الحاجات ، وإذا حصل من هؤلاء متبرع ، فقد أغنى الله به وإلا أعطي ما يكفيه أو قدر عمله ، وإذا عرفت أن العطاء يكون بحسب منفعة الرجل وبحسب حاجته في مال المصالح وفي الصدقات أيضا ، فما زاد على ذلك لا يستحق الرجل ، إلا كما يستحقه نظراؤه مثل أن يكون شريكا في غنيمة ، أو ميراث .

التالي السابق


الخدمات العلمية