السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
فأما التمثيل في القتل فلا يجوز إلا على وجه القصاص ، وقد قال عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما : { ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة } ، حتى الكفار إذا قتلناهم ، فإنا لا نمثل بهم بعد القتل ، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم ، ولا نبقر بطونهم إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا ، فنفعل بهم ما فعلوا ، والترك أفضل كما قال الله - تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله } قيل : إنها نزلت لما مثل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد رضي الله عنهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لئن أظفرني الله [ ص: 111 ] بهم لأمثلن بضعفي ما مثلوا بنا " فأنزل الله هذه الآية وإن كانت قد نزلت قبل ذلك بمكة ، مثل قوله : { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } وقوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار ، وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات } وغير ذلك من الآيات التي نزلت بمكة ، ثم جرى بالمدينة سبب يقتضي الخطاب ، فأنزلت مرة ثانية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بل نصبر " إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أو في حاجة في نفسه أوصاهم بتقوى الله تعالى وبمن معه من المسلمين خيرا ، ثم يقول : اغزوا بسم الله وفي سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، ولا تغلوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية