السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
فأما غير الممتنعين من أهل ديار الإسلام ونحوهم فيجب إلزامهم بالواجبات التي هي مباني الإسلام الخمس وغيرها ، من أداء الأمانات والوفاء بالعهود في المعاملات وغير ذلك .

فمن كان لا يصلي من جميع الناس ، رجالهم ونسائهم فإنه يؤمر بالصلاة ، فإن امتنع عوقب حتى يصلي بإجماع العلماء ، ثم إن أكثرهم يوجبون قتله إذا لم يصل ، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل

وهل يقتل كافرا أو مرتدا أو فاسقا ؟ على قولين مشهورين في مذهب أحمد وغيره ، والمنقول على أكثر السلف يقتضي كفره ، وهذا مع الإقرار بالوجوب .

فأما من جحد الوجوب فهو كافر بالاتفاق ، بل يجب على الأولياء أن يأمروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبعا ، ويضربوه عليها لعشر ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : { مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع } [ ص: 173 ] وكذلك ما تحتاج إليه الصلاة من الطهارة الواجبة ونحوها .

ومن تمام ذلك تعاهد مساجد المسلمين وأئمتهم ، وأمرهم بأن يصلوا بهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } ، رواه البخاري

{ وصلى مرة بأصحابه على طرف المنبر ، فقال : إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي }

[ ص: 174 ] وعلى إمام الناس في الصلاة وغيرها أن ينظر لهم ، فلا يفوتهم ما يتعلق بفعله من كمال دينهم ، بل على إمام الصلاة أن يصلي بهم صلاة كاملة ، ولا يقتصر على ما يجوز للمنفرد الاقتصار عليه من قدر الأجزاء إلا لعذر ، وكذلك على إمامهم في الحج ، وأميرهم في الحرب ، ألا ترى أن الوكيل والولي في البيع والشراء ، عليه أن يتصرف لموكله ولموليه على الوجه الأصلح له في ماله ؟ وهو في مال نفسه ، يفوت نفسه ما شاء ، فأمر الدين أهم ، وقد ذكر الفقهاء هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية