صفحة جزء
باب في صفة العدد

المعتدات خمس عشرة: ذات حيض، وذات حمل، وصغيرة لم تبلغ الحيض، ومسنة قعدت عن الحيض، وشابة تأخر حيضها فلم تحض، ومستحاضة، ومرتابة، ومريضة، ومرضع، وصغيرة ابتدأت العدة بالشهور ثم حاضت قبل أن تخرج من العدة، ويائسة رأت الحيض، ومستحاضة ترى الحيض، ومستحاضة ارتابت، ومرتابة استحيضت، ومرتابة بحس البطن.

فعدة الحرة من الطلاق أربعة أنواع: ثلاثة قروء لذات الحيض، وثلاثة أشهر لمن لا تحيض لصغر أو كبر أو تأخر حيضها وهي في سن من تحيض، والوضع لذات الحمل، وسنة للمستحاضة والمرتابة.

وقال أبو محمد عبد الوهاب: من لم تبلغ أن تطيق الرجال فأصيبت، فلا يكون وطؤها موجبا للعدة، وإنما هو جرح وإفساد.

وهذا صحيح؛ لأن محمل الآية على من دخلت وأصيبت على الوجه المعتاد؛ لأن العدة عن الطلاق خوف الحمل، ومن تطيق الرجل يخشى ذلك منها، ولا يخشى إذا لم تبلغ أن تطيق الرجل.

والأصل في ذات الحيض قول الله -عز وجل-: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [البقرة: 228] وفي الصغيرة ومن ذكر معها قوله سبحانه: واللائي [ ص: 2194 ] يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن [الطلاق: 4].

واختلف في معنى قوله تعالى: إن ارتبتم فقيل: إن ارتبتم فلم تدروا هل تحيض. وقيل: إن ارتبتم في الحكم فلم تدروا ما هو.

وهو أحسن؛ لقوله تعالى واللائي يئسن ولا يجتمع اليأس والشك.

وفي الحامل قوله تعالى: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [الطلاق: 4] وقال سعيد بن المسيب: عدة المستحاضة سنة. وإليه ذهب عبد الملك في المبسوط، قيل: أتعتد تسعة أشهر ثم ثلاثة ؟ قال: بل سنة.

وقال ابن القاسم في "المدونة": عدتها ثلاثة أشهر بعد التسعة الاستبراء. وقيست المرتابة عليها، وقد اختلف الناس فيهما جميعا، فقال عكرمة وقتادة والشافعي: عدة المستحاضة ثلاثة أشهر.

وذكر الداودي في "النصيحة" قولا آخر: أنها تعتد بستة أشهر تختبر بثلاثة، فإن لم تر دما اعتدت بثلاثة أشهر. والقول إن العدة في ذلك ثلاثة أشهر أحسن؛ لأن الله -عز وجل- أباح المعتدة إذا لم تكن حاملا بوجهين: [ ص: 2195 ]

بالحيض لأنه دليل على براءة الرحم، فإن لم يكن فبمضي مدة يتبين فيها الحمل، وهو ثلاثة أشهر، فإن مضت هذه المدة ولم يتبين حمل كان دليلا على براءة الرحم وحلت فيه، وهذا يستوي فيه معهن المرتابة والمستحاضة، فأما أن تنتظر تسعة أشهر وهو أمد الوضع، فإذا لم تر شيئا رجعت إلى ثلاثة أشهر وهو أمد الظهور - فلا وجه له.

واختلف في عدة المريضة، فقال مالك، وابن القاسم، وعبد الله بن عبد الحكم، وأصبغ: تعتد في حال مرضها إذا لم تر حيضا سنة، تسعة أشهر ثم ثلاثة. وقال أشهب: هي كالمرضع، وعدة المرضع إذا لم تر حيضا ولا حملا في حال الرضاع مترقبة لبعد الفطام، فإما حيض وإما سنة بعد الفطام.

فسوى في أحد القولين بين الرضاع والمرض؛ لأن الشأن أن الرضاع يمسك الدم، فإذا انقطع عاد، وكذلك المرض يقل له الدم، فإذا صحت عاد.

وفرق في القول الآخر بينهما؛ لأن المرضع في حال الرضاع ذات دم، وهو موجود، ومنه يتخلق اللبن، والمريضة لا دم عندها، ويلزم من قال في المستحاضة: إن عدتها ثلاثة أشهر، أن يقول مثل ذلك في المريضة والمرضع.

التالي السابق


الخدمات العلمية