صفحة جزء
[ ص: 217 ] واختلف قول مالك في قراءة القرآن للحائض، فمنع ذلك مرة وأجازه مرة خوف النسيان ; لأن الحيض يتكرر. وأجازه محمد بن مسلمة نظرا إذا كان من يقلب لها الورق. ومر على أصله في أنها في حكم محدث وليس في حكم نجس.

واختلف قول مالك في قراءة الجنب القرآن، فالمشهور عنه المنع . وقال في سماع أشهب: يقرأ اليسير، وقال : وأنا أشتهي أن يقرأ الجنب القرآن، وددت أني وجدت في ذلك رخصة، ولكني سمعت أنه لا يقرأ إلا اليسير وأجاز ذلك مالك في " مختصر ما ليس في المختصر" قليلا كان أو كثيرا.

وقد اختلفت الأحاديث في هذا الأصل: ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: " لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرق المدينة، وأنا جنب، فانخنست منه واغتسلت ثم جئت فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟. قال: كنت جنبا، فكرهت أن أجالسك وأنا جنب. فقال: سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس" . فعلى هذا يجوز له أن يقرأ القرآن وأن يجلس في المسجد. [ ص: 218 ]

وفي الترمذي قال: قال علي - رضي الله عنه -: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ لنا القرآن على كل حال، ما لم يكن جنبا" . قال الترمذي: حديث صحيح.

وروي عنه أنه قال: " لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض" . وإذا تعارضت الأحاديث كان الأخذ بالأحوط أولى.

واختلف فيما يحل من الحائض: فقال مالك: أعلاها، ما فوق المئزر . وقال أصبغ في منع ما دون المئزر: ذلك حماية للذريعة، وليس بضيق إذا اجتنب الفرج . [ ص: 219 ]

واختلف إذا رأت الطهر ولم تغتسل: فقال مالك: لا تحل حتى تغتسل .

وقال ابن بكير: المنع استحسان. فأنزلها بمنزلة الجنب، فيجوز الإصابة وتمنع الصلاة.

فإن كانا في سفر ولم يجدا ماء وطال السفر جاز له أن يصيبها، واستحب لها أن تتيمم قبل ذلك وتنوي الطهر من الحيض.

التالي السابق


الخدمات العلمية