صفحة جزء
فصل [فيمن قال لامرأته: أنت طالق إن لم أطلقك]

واختلف إذا قال: أنت طالق إن لم أطلقك، فقال مالك: هي طالق حين تكلم بذلك، وقال أيضا: لا يقع عليها طلاق حتى ترفعه ويوقفه السلطان.

واختلف إذا رفعته: هل تطلق عليه بالحضرة، إذ لا فائدة في الصبر أو بعد أن يضرب أجل المولي رجاء أن ينثني عزمها عن القيام بالطلاق.

واختلف أيضا إذا ضرب أجلا، فقال: أنت طالق واحدة إن لم أطلقك رأس الهلال واحدة، أو أنت طالق ثلاثا إن لم أطلقك رأس الهلال ثلاثا أو أنت طالق ثلاثا إن لم أطلقك رأس الهلال واحدة، أو أنت طالق واحدة إن لم أطلقك رأس الهلال ثلاثا. فقيل: لا شيء عليه الآن، وهي أيمان، فتبقى حتى يبر بفعله الطلاق الذي حلف أن يفعله، أو يأتي الأجل بحنثه إن لم يفعل، فيقع عليه الطلاق الذي ألزم نفسه إن لم يطلقها، وقيل: يعجل عليه الطلاق الآن، فإن قال: أنت طالق إن لم أطلقك عجلت الآن عليه طلقة. وكذلك إذا جعل بره بطلقة وحنثه بثلاث، أو بره بثلاث وحنثه [ ص: 2605 ] واحدة، فإنه يعجل عليها إحدى الطلقتين وهي طلقة; لأنه طلق إلى أجل لما كان لا بد له من إحدى الطلقتين بر في يمينه أو حنث، وأرى إن قال: أنت طالق واحدة إن لم أطلقك رأس الشهر ثلاثا، عجل طلقة الحنث، وهي واحدة، فإن هو أراد البر فيطلق ثلاثا بانت، وإن لم يطلق كان حانثا بواحدة، وقد عجلت، وإن انقضت العدة قبل وقت الحنث بانت بواحدة، وإن قال: أنت طالق ثلاثا إن لم أطلق رأس الهلال واحدة لم يعجل بطلقة البر؛ لأنه لم ينوها، وإن عجلت طلقة من الثلاث التي يحنث بهن، فإن قال: أنا أحب أن أبر في يميني بطلقة أوقعها فتصير مع الأولى طلقتين، فكان الوقف أحسن، فإن أوقع هو واحدة قبل الهلال بر في يمينه، وإلا وقع عليه الحنث بالثلاث إذا أتى الهلال ولم يطلق.

وقال ابن القاسم فيمن حلف بطلاق امرأته البتة ليطلقنها رأس الهلال واحدة، ثم أراد تعجيل تلك الطلقة فلم يجب فيهما بشيء، وقال أصبغ: لا يجزئه، فإن فعل ثم فاته رأس الشهر فلم يطلق واحدة لزمته البتة.

وقال محمد: إذا سألته أو سأله أهلها أن يطلقها فحلف لهم ليطلقنها رأس الشهر ثم عجل الطلقة لم ينفعه، وإن كان ذلك ابتدأ ليغمها أجزأه.

قال الشيخ -رحمه الله-: ولو حلف عند سؤالهم أنه لا يؤخر الطلاق عن رأس الهلال فجاز له أن يعجلها، وهذا إذا كانت يمينه ليطلقها رأس الشهر، وأما إن قال: إلى رأس الشهر. فله أن يعجل الطلقة; لأن "إلى" غاية، وإن حلف بالثلاث إن لم يطلقها قبل الهلال ثلاثا لم يعجل إحدى الطلقتين، قال محمد: [ ص: 2606 ]

لأن له أن يصالح قبل الأجل، فلا يلزمه سوى واحدة.

وقال مالك فيمن له امرأتان، فقال لإحداهما: أنت طالق إن لم أطلق فلانة إلى سنة، يريد: الأخرى، قال: يوقف الساعة فيطلق إحداهما؛ لأنه أوقع طلاقا لا بد منه، فلا يترك يستمتع بواحدة منهما.

وقال أصبغ فيمن قال لامرأته: أنت طالق البتة لأعتقن جاريتي فلانة إلى سنة، فلا تحرم عليه واحدة منهما، وعلى قول مالك في الزوجتين: تحرم زوجته وجاريته حتى يطلق أو يعتق، وعلى قول أصبغ: لا يوقف عن واحدة من زوجتيه وهو أبين، ويختلف في الذي قال: أنت طالق إن لم أطلقك ولم يضرب أجلا، فعلى قول مالك: يمنع منها، وقول ابن كنانة أنه لا يمنع لأنه لا يحنث إلا بالموت، وكل طلاق عنده لا يكشفه إلا الموت لا يمنع فيه من الزوجة.

واختلف أيضا إذا ضرب أجلا هل يمنع منهما لأنه حلف ليفعلن أو لا يمنع لأنه على بر لما ضرب أجلا. [ ص: 2607 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية