صفحة جزء
فصل [في محمل قول الزوج: أنت طالق على واحدة]

محمل قول الزوج: أنت طالق، على واحدة.

واختلف هل يحلف أنه لم يرد أكثر؟ فقال ابن القاسم: لا يمين عليه.

وقال مالك في كتاب المدنيين فيمن خرج لسفر، فقال لزوجته: إن لم أجئ إلى شهر فأنت طالق، فجاء بعد الشهر وهي في عدتها فارتجعها فقال: لم أرد إلا واحدة، فقال مالك: يحلف.

واختلف أهل العلم إذا أراد بقوله: أنت طالق، الثلاث، فقال مالك [ ص: 2754 ] وأصحابه هو الطلاق بلفظ ونية. وقال بعضهم: هو طلاق بنية. وقال مالك في كتاب محمد: إن ناسا ليقولون: إن نوى بذلك البتة ولم يسم فلا يلزمه إلا واحدة. قال: وما هو عندي بالبين، وإني لأكره ذلك إذا نوى البتة.

قال الشيخ -رحمه الله-: الصواب ما قاله مالك وأصحابه: أن طالقا صفة لحالها أنها صارت ذات طلاق بواحدة أو ثنتين أو ثلاث، ولهذا حسن فيه الاستفهام، فيقال لمن قال: امرأتي طالق. كم طلقتها؟ ولو كان ذلك للواحدة لم يحسن فيه الاستفهام ولم يحسن قوله: أنت طالق ثلاثا، ولكن بمنزلة القائل واحدة ثلاثا.

وقال مالك فيمن أراد أن يطلق امرأته قبل الدخول ثلاثا، فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. نسقا، لزمته الثلاث.

وقال إسماعيل القاضي: إن أراد بقوله: أنت طالق. الثلاث، ثم ذكر الثانية والثالثة يريد بذلك بيان ما أراد بالأولى لزمته الثلاث، وإن أراد بقوله: أنت طالق. واحدة، لم يلزمه ما نطق به بعد ذلك; لأنه أوقعه على غير زوجة.

وقال مالك فيمن أراد أن يطلق ثلاثا فقال: أنت طالق، ثم سكت، لم يقع [ ص: 2755 ] عليه إلا واحدة. يريد: إذا كان قصده بقوله طالق طلقة وبقوله ثلاث تمام الثلاث، وإن أراد بقوله طالق الثلاث، وبقوله ثلاثا البيان عما أراد بقوله طالق، لزمه الثلاث وإن سكت عن ذكرها.

وقال مالك فيمن قال: أنت طالق، وأراد أن يقول: إن كلمت فلانا، فلما تم قوله أنت طالق بدا له في اليمين فسكت، لم يلزمه شيء. وهذا يحسن فيمن أتى مستفتيا، أو فهمت عنه البينة أن ذلك قصده; لأن ذلك سبب المنازعة، وإن لم يتقدم لذلك ذكر لم يصدق، ولو قال: أردت إن دخلت الدار، أو لا دخلت الدار إليك، وقال ذلك بفور قوله صدق.

وقال مالك في كتاب محمد فيمن قال: أنت طالق البتة أنت طالق البتة إن أذنت لك لموضع سماه كانت سألته الخروج إليه: هو حانث أذن لها أو لم يأذن، قال: وما هو بالبين وإن فيها لإشكالا.

قال ابن القاسم: وإنما أراد مالك أنه طلقها في الأولى بالبتة ثم ندم فاستدرك، قال ابن القاسم: وأرى أن يحلف أنه ما أراد إلا أن يسمعها اليمين ويدين، فإن لم يحلف رأيته حانثا. [ ص: 2756 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية