صفحة جزء
فصل [في أحكام الصلح والبدل في الصرف]

وإن كان الصرف على غير معين، ولم يصح البدل على قول من منعه، فإنه يختلف فيما ينتقض من الصرف إذا كان ينوب الزائف بعض دينار، على أربعة أقوال:

فقيل: ينتقض صرف دينار، وهو قول مالك وابن القاسم.

وقيل: ما قابل الزائف خاصة، وهذا بناء على القول بجواز صرف بعض دينار.

وقال ابن القاسم في العتبية: ينتقض الصرف كله.

وقال القاضي أبو محمد عبد الوهاب: إن كانا سميا لكل دينار دراهم [ ص: 2775 ] انتقض صرف دينار، وإن لم يسميا انتقض جميع ذلك الصرف، ورأى أنهما إذا سميا لكل دينار دراهم أن لكل دينار عقدا لا يتعلق بالآخر، فلا يفسد ما تناجزا فيه ببطلان غيره

ويلزم على هذا أن يقال: إذا كانت صفقة جمعت حلالا وحراما، وسميا لكل واحد من الثمن ما ينوبه أن يمضي الحلال، ويفسخ الحرام وحده. وإن لم يرد وصالح على الزائف بعين أو عرض، فأجاز ذلك محمد، ومنعه ابن شعبان، قال: إلا أن يتفاسخا، ثم يعملا على ما يجوز، واستشهد بمسألة كتاب الصلح في الطوق، واختلف فيه على ثلاثة أقوال:

فأجاز ابن القاسم أن يرضيه على شيء يدفعه نقدا ولا يرد، وأجاز أشهب نقدا وإلى أجل، ومنعه سحنون إذا افترقا لا نقدا ولا إلى أجل.

وعلى هذا يجري الجواب في الدينار، فيجوز على قول ابن القاسم إذا نقد ذلك، وعلى قول أشهب يجوز إذا كان إلى أجل، ولا يجوز على قول سحنون إذا افترقا نقدا ولا إلى أجل. وأن يجوز أحسن، وقد مضى بيان ذلك في كتاب الصلح.

وإن وجد أحدهما عنده زائدا على ما عقدا عليه الصرف، مثل أن يصارفه على مائة دينار فيجد مائة ودينارا، فإنه يرد الزائد; لأنه لم ينعقد عليه صرف، ويمضي ما سواه.

ولو تصارفا سوار ذهب بفضة وقبضه بوزن، ثم تبين أنهما غلطا في ذلك، وأن أحدهما أكثر، فإن كانت الزيادة في الدراهم رد الزائد، وصح الصرف فيما [ ص: 2776 ] سواه، وإن كان الزائد في السوار قيل لبائعه: إن تركت الفضل صح صرفكما، ولم يفسخ; لأن المناجزة تقدمت على أن جميعه مبيع، فإن قمت فسد الصرف، إلا على قول من أجاز صرف بعض دينار، فيجيزه ويكون شريكا بذلك الزائد، ثم يكون كل واحد منهما بالخيار في إمضاء الصرف بعيب الشركة; لأنهما لم يدخلا عليها.

التالي السابق


الخدمات العلمية