صفحة جزء
فصل [في الصرف والمقاصة فيه]

وقال ابن القاسم في المدونة في صيرفي له على رجل دينار فأتاه المطلوب بعشرين درهما صرف بها منه دينارا، فلما وجب الصرف أحب الصيرفي أن يحبس الدينار عن ديناره وأبى الآخر، قال: إذا تناكرا لم يكن ذلك له، وكان عليه أن يدفع الدينار، ثم يتبعه.

وقال أشهب في كتاب محمد: ذلك للصيرفي أن يحبسه عن ديناره على ما أحب الآخر أو كره.

فجعل له أن يحبسه عن ديناره; لأنه الحكم لو رفع ذلك إلى حاكم أن يجعل له أن يحبسه عن ديناره.

وكذلك لو كان على المطلوب غرماء لكان له أن يحبسه إذا كان قائم الوجه لم يفلس; لأنه لو قام به إلى الحاكم لقضى له بحقه إذا لم يقم بقية الغرماء بتفليسه، وليس في كلام ابن القاسم ما يرد قول أشهب، وقد يحمل قوله: "إذا تناكرا" أن المطلوب أنكر أن يكون له عليه دينار.

واختلف إذا صارفه على أن لا يستوفي ديناره هذا منه، فقيل: ذلك جائز، [ ص: 2800 ] وله حبسه وشرطه باطل. وقيل: ليس له أن يحبسه من ديناره، ويدفعه، ثم يقوم بحقه حسبما شرط.

وقيل: ذلك فاسد; لأنه صرف على تأخير حق.

وليس هذا القول بالبين; لأنه لم يشترط أن يؤخره بالحق الأول، وإنما شرط أنه لا يقبض دينه من هذا الدينار، فيقال له: ادفعه وقم بحقك.

التالي السابق


الخدمات العلمية