صفحة جزء
ويستفتح المؤذن أذانه وهو مستقبل القبلة، ثم يدور بجسمه إن شاء، أو يحول صوته إلى حيث يرى أن فيه من يأتي للصلاة.

وقال ابن شهاب: يثبت قدميه إلى القبلة ويبلغ بصوته يمينا وشمالا، قال: وهي السنة.

وكره مالك التطريب في الأذان ، ولا يسلم على المؤذن في حال أذانه، ولا على الملبي في حالة التلبية، فمن فعل رد عليه بعد فراغه من أذانه وتلبيته. وفي مختصر الوقار: أنه لا بأس أن يرد عليه حينئذ بالإشارة، ولا يتكلم في أذانه . فإن فعل وعاد بالقرب - بنى على ما مضى، وإن بعد ما بين ذلك استأنفه من أوله.

ومثله إن عرض له رعاف أو غير ذلك مما يقطع أذانه أو خاف تلف شيء من ماله، أو خشي تلف أحد; أعمى أو صبي أن يقع في أهوية - فإنه يقطع ثم يعود إلى أذانه فيبني إن قرب، ويبتدئ إن بعد.

وقال مالك في المؤذن أراد الأذان فأخطأ فأقام ساهيا: لا يجزئه، ويعيد الأذان .

وقال في كتاب ابن حبيب: وإن أراد أن يقيم فأخطأ فأذن إنه يبتدئ. وقال أصبغ : يجزئه لقول من قال: الإقامة شفع. [ ص: 243 ]

وقد رغب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأذان وقال: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا. . ." . الحديث، وقال: " لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة" .

وفي كتاب مسلم: قال: " المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" ، وأخبر أنه مطردة للشيطان فقال: " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يحول بين المرء ونفسه يقول له: اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكره" ، وقيل: " حتى يضل الرجل إن يدري كم صلى" . وندب من سمع المؤذن أن يقول مثل قوله، فقال: " إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول المؤذن" . [ ص: 244 ]

واختلف في منتهى ما يحكيه السامع، فقال مالك في المدونة: إنما ذلك إلى هذا الموضع: " أشهد أن محمدا رسول الله" فيما يقع في قلبي، ولو فعل ذلك رجل لم أر به بأسا . قال سحنون: ولو قال بقية الأذان.

وقيل لمالك في المجموعة: إذا قال مثله أيثني التشهد؟ قال: يجزئه التشهد الأول.

وقال في مختصر ما ليس في المختصر: يقول مثل قوله، فإذا بلغ " حي على الصلاة، حي على الفلاح" قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم يقول كما يقول بعد ذلك.

وهذا أحسن; لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر. فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال: أشهد أن محمدا رسول الله. ثم قال: حي على الصلاة. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: الله أكبر. قال: الله أكبر. ثم قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله، مخلصا من قلبه دخل الجنة" . فإن أذن آخر قال معه; لظاهر الحديث. وقيل: ليس ذلك عليه. وقال محمد بن عبد الحكم: إن أقام بعد ذلك فليس ذلك عليه إلا أن يشاء. [ ص: 245 ]

واختلف إذا سمع النداء من كان في صلاة، فقال مالك في المدونة: إن كان في مكتوبة لم يقل مثل قوله، وإن كان في نافلة قال مثله .

وقال ابن وهب : يقول مثله وإن كان في مكتوبة.

وقال سحنون: لا يقول وإن كان في نافلة. وهذا أشبه; لأنه قد تلبس بطاعة، فعليه أن يقبل على ما هو فيه.

التالي السابق


الخدمات العلمية