صفحة جزء
وقال مالك في من أمر أن يبيع سلعة بدراهم سماها نقدا فباعها بعرض إلى أجل: يباع ذلك العرض بنقد فإن كان فيه وفاء بالمسمى أو فضل كان للآمر، [ ص: 3006 ] وإن كان نقصانا كان على المأمور .

وقد اختلف في ثلاثة مواضع.

أحدها: إذا سمى ما يباع به من العين فباع بخلافه أو بأقل، هل يحمل على أنه التزم تلك التسمية؟

والثاني: إذا باع بتلك التسمية من غير نداء ولا إشهار، هل يلزم البيع؟

والثالث: إذا ملك الإجازة والرد، هل يحمل على أنه لم يجز إلا ما يعترف أنه اختاره، أو أنه اختار الآخر ثم انتقل إلى هذا؟ فعلى قوله أنه ملتزم التسمية وأن له أن يبيع بتلك التسمية من غير نداء، فيكون قيام السلعة وفوتها سواء، وليس لصاحبها أن يأخذها، وإنما له الأكثر من التسمية أو القيمة نقدا أو ما يباع به الدين على النقد، فيأخذه بالتسمية; لأنه ملتزم لها أو القيمة إن كانت اكثر ; لأنه مقر أنه تعدى ولم يلتزم ما يباع به الدين، لئلا ينال بتعديه الربح.

ويختلف هل له أن يجيز ويكون له الدين إلى أجله; لأنه وإن كانت السلعة قائمة فقد ملك أن يأخذ التسمية أو القيمة نقدا أو ما يباع به الدين على النقد فيكون ذلك فسخ دين في دين، وعلى القول ألا يلزم البيع بتلك التسمية من غير نداء، يكون للآمر أن يأخذ سلعته وينقض البيع أو يأخذ التسمية، وليس له أن يجيز ليأخذ الدين; لأنه ملك أن يأخذ التسمية. [ ص: 3007 ]

وأرى أن يكون القول قول الوكيل أنه لم يلتزم تلك التسمية، ويكون الآمر بالخيار مع القيام بين أن يجيز بالثمن إلى أجل أو يرد.

وإن فاتت بلباس كان بالخيار بين أن يجيز ويكون له الثمن إلى الأجل، أو يأخذ القيمة من اللابس يوم لبس ويسقط عنه الثمن، أو يأخذ من المأمور القيمة يوم باع; لأنه يوم تعدى، ويمضي بالثمن إلى الأجل.

فإن هلكت بيد المشتري، كان بالخيار بين أن يجيز البيع إلى الأجل، أو يأخذ القيمة من المأمور يوم باع ويمضي للمشتري بالثمن، وليس على المشتري ها هنا إلا الثمن إلى الأجل; لأن من اشترى شيئا بوجه شبهة فهلك في يده لم يضمنه بالقيمة، وإنما يضمنه بالثمن، والثمن ها هنا مؤجل فليس عليه غيره، وكذلك إن هلكت والثمن عرض، فليس للمستحق على المشتري إلا ذلك العرض.

وقال في من أمر أن يبيع سلعة بعشرين دينارا نقدا، فباعها بثلاثين إلى أجل، قال: يباع الدين بعرض نقدا، ثم يباع العرض بعين، فإن كان فيه وفاء بالعشرين أو فضل كان للآمر، وإن كان نقص فعلى المأمور .

وليس للآمر عنده أن يجيز البيع ويأخذ الثلاثين، لإمكان أن يكون اختار التسمية ، فيكون قد فسخ عشرين في ثلاثين.

ولا أن يختار التسمية، لإمكان أن يكون اختار الإجازة إلى الأجل، [ ص: 3008 ] فيكون أخذ عشرين نقدا عن ثلاثين مؤجلة، فيدخله ضع وتعجل، وعلى القول الآخر: له أي ذلك أحب ويترك الآخر للمأمور.

وقد اختلف إذا أمره أن يبيع بعشرة نقدا، فباع بخمسة عشر إلى شهر، وكان إن بيع الدين ساوى ثمانية، فرضي المأمور أن يدفع عشرة، فإذا حل الأجل أخذها، وكانت الخمسة الفاضلة للآمر.

وأن يجوز أصوب ولا وجه للمنع; لأنه إن قدر أن الآمر لم يختر إلا الإجازة، فله الخمسة عشر إلى الأجل، وهذه قرض من المأمور يدفع عشرة فتعود إليه ولا يربح شيئا، وإن قدر أنه اختار التسمية، فله أن يغرمه العشرة، وقد أخذها ولا شيء له في الفضل في الخمسة الزائدة، وتكون كالهبة من المأمور، فلا يدخل فساد على أي الوجهين أجريت المسألة، وكذلك إذا كانت قيمة الدين بالنقد اثني عشر.

التالي السابق


الخدمات العلمية