صفحة جزء
باب في تشافع الورثة والشركاء

وقال مالك في رجل هلك وخلف ولدا: ثلاثة بنين. ثم مات أحدهم عن ثلاثة من الولد، فإن باع أحد الأعمام نصيبه كانت الشفعة لأخيه ولبني أخيه، وإن باع أحد من بني الأخ كانت الشفعة لهم دون الأعمام ، فإن سلموا كانت الشفعة للأعمام.

وقال أبو الحسن ابن القصار: واختلفت الرواية عن مالك فقال: الأخ أولى بما باعه أخوه من العم. وقال: كل من له ملك في ذلك الشيء فله حقه من الشفعة فيما يبيعه أحد الشركاء. قال: وهو القياس ، وساوى بين الورثة والشركاء في ذلك، ولا تخلو الدار من ثلاثة أقسام: إما أن تنقسم أتساعا، أو أثلاثا، أو لا تنقسم بحال; فإن كانت تنقسم أتساعا كان الجواب على ما قاله ابن القاسم عنه; لأن الدار تنقسم قسمين تقسم أولا أثلاثا، فإذا صار إلى بني الابن ثلثهم قسموه أثلاثا كدار قائمة بنفسها، فبعضهم أحق بدفع الضرر ممن لا يصير له في ذلك الثلث شرك، وإن كان لا تنقسم بحال أثلاثا ولا أتساعا كانت الشفعة لجميع من له فيها شرك بوراثة أو غيرها; لأن الأصل فيما جعلت له الشفعة مما لا ينقسم خوف أن يدعو المشتري إلى البيع فتخرج [ ص: 3302 ] الدار من أملاكهم، ومضرة خروج الملك من العقار أشد من مضرة المقاسمة، وإن كانت الدار تنقسم أثلاثا خاصة فباع أحد الأعمام كانت الشفعة لجميعهم; لأن بني الأخ شركتهم مع أعمامهم فيما ينقسم، وإن باع أحد بني الإخوة كان فيها قولان، فعلى أحد قولي مالك أن الشفعة فيما لا ينقسم يتشافعون دون أعمامهم، وعلى قوله لا شفعة فيما ينقسم تكون الشفعة للأعمام دون بني الإخوة; لأن الأعمام يقولون: نحن نشفع فيما يحتمل القسمة، ولا شفعة لبعضكم على بعض; لأن نصيبكم لا يحتمل القسمة ، ولو كانت الدار فيها شركة بغير وراثة ووراثة بعد وراثة، فعلى قوله في المدونة: إن باع أحد الورثة السفلى كانت الشفعة به لبقيتهم ، فإن سلموا كانت لأهل الوراثة الأولى، فإن سلموا كانت للشركاء، وإن باع أحد الورثة الأولى كانت الشفعة لجميعهم الأولى والآخرة، فإن سلموا كانت الشفعة للشركاء، فإن باع أحد الشركاء كانت الشفعة لجميعهم لبقية الشركاء ولأهل الوراثتين ، وعلى الرواية الأخرى: الشفعة شركة بين جميعهم; الشركاء وأهل الوراثتين كان البيع من بعض الشركاء أو الوراثة الأولى والآخرة، وأرى أن تعتبر صفة القسمة فيها هل ينقسم النصف أتساعا أو أثلاثا أو لا ينقسم إلا نصفين على أصل الشركة قبل الوراثة أو لا ينقسم بحال، [ ص: 3303 ] فكل موضع يكون للمشتري أن يدعو إلى القسمة فإنه يستشفع منه، وكل موضع لا يكون له أن يدعو إلى القسمة، وله أن يدعو إلى البيع، فإنه يختلف هل تكون له شفعة أم لا؟ وكل موضع ليس له أن يدعو إلى القسمة ولا إلى البيع، فلا شفعة له، وذلك أن تكون دارا لا تنقسم، وإن باع هذا نصيبه على الانفراد لم ينقص عن بيع الجملة، ولو كانت دارا بين ثلاثة، لأحدهم النصف وللاثنين النصف، والدار تنقسم نصفين ولا تنقسم أرباعا، فإن باع صاحب النصف استشفع الاثنان، وإن باع أحد الاثنين كانت الشفعة على أحد قولي مالك لصاحب الربع، وعلى القول الآخر لصاحب النصف دونه.

وقال ابن القاسم في شركاء ثلاثة في دار باع أحدهم نصيبه من ثلاثة، ثم باع أحد هؤلاء الثلاثة نصيبه من ذلك الثلث إن الشفعة لجميعهم .

وقال أشهب: الشفعة لبقية أصحاب الثلث ، ورأى أن الشركة بميراث أو غيره سواء، وهو أبين، وإنما يراعي صفة القسم . [ ص: 3304 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية