صفحة جزء
باب في الصلاة على الثياب والبسط وغير ذلك

يستحب للمصلي أن يقوم على الأرض من غير حائل، وأن يباشر بجبهته الأرض; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " يا رباح عفر وجهك في الأرض " . ولأن ذلك المعمول به في الحرمين: مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الحرام الصلاة فيهما على الحصباء والتراب، لم يتخذ فيهما حصير.

وقال - صلى الله عليه وسلم - في المصلي يسوي الحصباء لموضع جبهته: " إن كنت لا بد فاعلا فواحدة" . فبان بهذا الحديث أنه كان قديما بغير فرش ولا حصير، فإن هو صلى على حائل فيستحب أن يكون مما تنبت الأرض كالحصر وما أشبه ذلك مما لا يقصد بمثله الترفه ولا الكبر.

واختلف في ثياب القطن والكتان فكرهه في المدونة ، وأجازه ابن [ ص: 302 ] مسلمة، والأول أحسن; لأن الثياب فيها ضرب من الترفه وموضع الصلاة إنما هو التواضع والخضوع والتذلل.

وكره الصلاة على ما لا تنبت الأرض كالصوف، فإن فعل أجزأته صلاته، وأكره الصلاة على حصر السامان مما عظم ثمنه، والتواضع لله تعالى أفضل.

ويباشر بكفيه الأرض أو ما يسجد عليه ويبرزهما عن كميه، ويحسر العمامة عن جبهته ، فإن سجد على كور العمامة البارز عن جبهته، لم تجزئه صلاته، وإن سجد على ما علا جبهته وكان كثيفا لم تجزئه، وإن كان شيئا خفيفا أجزأته .

وقال ابن حبيب : إن كان كثيفا لم تجزئه، وأعاد ما كان في الوقت إذا مس أنفه الأرض.

وقال محمد بن مسلمة: لا ينبغي أن يسجد على ثوبه الذي على جسده ولا على يديه وهما في كميه حتى يفضي بهما إلى الأرض; لأنه كأنه سجد على الأرض بغير وجهه ويديه. [ ص: 303 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية