صفحة جزء
فصل [في شرط المحبس أن يصلح المحبس عليه الحبس أو ينفق عليه]

وإن حبس دارا وشرط على المحبس عليه أن يرمها إن احتاجت إلى إصلاح لم يصلح ذلك ابتداء، وقال ابن القاسم: وذلك كراء وليس بحبس، واختلف إذا نزل فقال في المدونة: مرمتها من غلتها، وأجاز الحبس وأسقط الشرط .

وقال محمد: يرد الحبس ما لم يقبض، قال: ولو اشترط أن يرم ما اشترى منها بقدر كرائها جاز .

واختلف فيمن أعطى فرسا، وقال: تحبسه سنة ولا تركبه ثم هو لك ملك، أو قال: يكون في يديك حبسا تغزو عليه، أو قال: تحبسه سنة وتغزو عليه، ثم هو لك ملك، فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: من أعطى رجلا فرسا ينفق عليه سنة، فإذا انقضت فهو له، قال: غير ذلك من الشرط أفضل، فإن وقع جاز، وقال ابن القاسم: إن لم يفت الأجل، فإن أحب أسقط الشرط وبتله له، ويدفع إليه ما أنفق، ويأخذ فرسه، وإن فات الأجل كان للذي بتل له بغير قيمة، ولم يجعل له بيعا ; لأن المالك لم يشترط لنفسه شيئا [ ص: 3446 ] يأخذه، وإنما قال: تأخذه لنفسك ملكا، وتنفق على ملكك وشرط ألا يعجل الانتفاع به لأمر رأى أن فيه صلاحا للفرس أو لغير ذلك من الوجوه، وعلى هذا يجري الجواب إذا قال: تحبسه سنة، ثم يكون بعد السنة بيدك حبسا تغزو عليه، وإن كان هذا أثقل.

واختلف في القسم الثالث، فروى ابن القاسم عن مالك فيه الكراهة . وعلى قوله في المختصر إذا نزل مضى، وقال أشهب: ذلك جائز، وهذا أخف.

ولو قال رجل خذ هذا الفرس، تركبه سنة ثم هو لفلان بتلا، فترك المعار عاريته لصاحب البتل جاز ، وقال مطرف وابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: من أخدم عبده رجلا عشر سنين ثم هو له بتلا، أو أخدمه ثم قال ذلك بعد الإخدام، فذلك سواء قد صار له يصنع به الآن ما شاء، وقال أصبغ: إن جمع له الآن ذلك معا فهو كالمحبس إلى الأجل . وهذا أصوب لأنها هبة ومعروف، فلا تغير عن الشرط الذي شرط المالك فيها، وكذلك إذا كانا عقدين، وقال: لا يتصرف فيها بالملك إلا بعد الأجل، وإن قال بعد الإخدام هو لك، ولم يزد كان له من الآن يصنع به ما شاء. [ ص: 3447 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية