صفحة جزء
فصل [في الرجل يقول لعبده : قد وهبت لك عتقك]

وإذا قال : أنت حر اليوم من هذا العمل كان كما قال ، ولم يكن له أن يستعمله في ذلك اليوم ، وذكر عن ابن يونس عن أشهب في الموازية أن له أن يستعمله في ذلك العمل أو غيره في ذلك اليوم وبعده ولو قال ، أنت حر من هذا العمل هذا الشهر أو هذه السنة لم يستخدمه فيها ، وكذلك لو قال : وهبتك خدمة هذا الشهر أو هذه السنة . قال سحنون : ولو قال : تصدقت عليك بعملك أو بخراجك أو بخدمتك حياتك كان حرا . [ ص: 3754 ]

قال الشيخ - رضي الله عنه - : ولو قال : لم أرد تبتيل العتق ، وإنما أردت أن يبقى رقيقا لما يكون من جناية أو ميراث فيرث بالرق دون ولده الحر ، لكان كما قال قياسا على أحد القولين في أم الولد إذا بطل منها الوطء : إنها لا تعتق .

قال سحنون : ولو قال : تصدقت عليك بخراجك وأنت حر بعد موتي كان كأم الولد . يريد : أنه يكون حرا من رأس المال . وقد اختلف في هذا الأصل في كتاب محمد هل يكون من الثلث أو من رأس المال؟

وقال ابن القاسم : فيمن قيل له في عبده : من رب هذا العبد؟ فقال : ما له رب إلا الله -عز وجل- ، أو قيل له : أمملوك هو؟ فقال : لا ، أو قيل له : هو لك؟ فقال : ما هو لي ، فقال : فلا شيء عليه في ذلك كله ، كمن قيل له : ألك امرأة؟ أو هذه امرأتك؟ فقال : لا ، فلا شيء عليه في ذلك كله إن لم يرد طلاقا ولا يمين عليه . وقال عيسى : يحلف فيه وفي العتق . وقال فيمن مر بأمته على عاشر فقال : هي حرة وهو لا يريد بذلك القول حرية ، لم يكن عليه شيء . يريد : إذا أراد بها حرة من الأصل . [ ص: 3755 ]

ولو قال له : لا أدعك إلا أن تقول : إن كانت أمة فهي حرة ، ففعل ، فإن قال ذلك بغير نية للعتق لم يلزمه شيء ، وإن نوى العتق وهو ذاكر أن له ألا ينويه كانت حرة; لأنه لم يكره على النية ، وإن لم تكن مهلة فيذكر الواجب في ذلك أو يعزل النية كانت حرة على أحد الأقوال في الإكراه على المال .

وقال ابن القاسم فيمن قال لأمته : أنت حرة ، ونوى الكذب فيما بينه وبين الله تعالى ، أو قال لامرأته : أنت طالق ، لزمه العتق والطلاق ولا تنفعه نيته في ذلك .

وقال أشهب في كتاب محمد : إذا قال : أنت حرة وقال : أردت أن أعتقها كذبا مني ولا بينة عليه ، فلا شيء عليه ، وكذلك إن قال لزوجته : إن تسررت عليك فأنت طالق ونوى الحمل ، فلا شيء عليه . يريد : طلق [ ص: 3756 ] الولادة . وقول أشهب في هذا أحسن; لأنه لفظ بغير نية إذا صدقته الأمة أو الزوجة في ذلك ، فإن كذبتاه فيما ادعى من النية لزمه العتق والطلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية