صفحة جزء
باب في الأمة يطؤها رجلان في طهر واحد

وقال مالك في الأمة يطؤها سيداها البائع والمشتري في طهر واحد فتأتي بولد من ذلك لستة أشهر أنه تدعى له القافة وتكون أم ولد من ألحقته به منهما.

قال الشيخ: إذا وطئ رجلان حرة أو أمة في طهر واحد فاتت بولد لستة أشهر من وطء الآخر فأكثر، فإن الولد للأول تارة من غير قافة، وتارة للآخر، وتارة تدعى له القافة، وذلك راجع إلى الوجه الذي كان الوطئان عليه، وهو ثمانية أقسام: نكاحان جميعا، أو ملك يمين جميعا، أو نكاح ثم ملك يمين، أو ملك يمين ثم نكاح، أو نكاح ثم زنا، أو زنا ثم نكاح، أو ملك يمين ثم زنا، أو زنا ثم ملك يمين:

فإن كان الوطئان بنكاح، فقال مرة: الولد للأول. وقال أيضا: تدعى له القافة، فيكون ولد من ألحقته به منهما الأول والآخر.

وإن كان الواطئان جميعا بملك يمين، بائع ومشتر، أو كانت بين [ ص: 4070 ] شريكين دعي له القافة قولا واحدا فيكون ولد من ألحقته به منهما.

وإن كان بنكاح وملك يمين والنكاح أولهما، كان الجواب فيهما كالنكاحين.

وإن كانا يملك أولهما كان كالملكين.

وإن كانا بنكاح وزنا، كان للنكاح إن كان الزنا آخرهما إلا أن ينفيه الزوج بلعان.

وإن كان ملك يمين وزنا والزنا آخرهما، كان لملك اليمين وليس له أن ينفيه بحال؛ لأن الزنا لا قافة فيه، وملك اليمين لا لعان فيه.

وإن كان الأول زنا والثاني نكاحا أو ملك يمين، فهو بمنزلة إذا كان الأول نكاحا أو ملك يمين والثاني زنا. [ ص: 4071 ]

وقال الليث في رجل له زوجة فاغتصبت وقد كان يطؤها فيريد أن ينفي بذلك حملا إن كان بها، قال: لا يجوز أن ينفي ولدها، وقد كان يطؤها في ذلك اليوم، ولكن لا أرى أن يلزمه، ويدعى له القافة، فإن ألحقوه به لحق، وإن توفي قبل أن ينظر إليه القافة لحق به.

قال الشيخ - رضي الله عنه: فجعل الولد للأول إذا كانا نكاحين، أو نكاحا ثم ملك يمين؛ لأن الأول صحيح والثاني فاسد، فغلب حكم الصحيح، والأصل في ذلك الحديث في ابن وليدة زمعة ألحقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأول، وإن كان الثاني مما تلحق فيه الأنساب؛ لأن الولد يلحق فيما كان من الزنا في الجاهلية وقدم في القول الثاني القياس على الحديث؛ لأنهما ماءان اجتمعا في رحم يلحق في كل واحد منهما النسب، ولا يختلف في أنه يصح أن يلحق من الثاني، وإن كان فاسدا، فلم يجز أن يلحق بالأول غير ولده، ولا أن يسقط عن الثاني حقه في ولده، فكان القياس أن يجري الحكم فيه كالحكم في ملك اليمين، فوجب الرجوع في ذلك إلى ما قضى به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من القافة. [ ص: 4072 ]

وإذا وطئا بملك اليمين وكانا شريكين دعي لهما القافة؛ لأنهما فاسدان جميعا -الأول والثاني- فلم يرجح حق أحدهما على الآخر، وإن كانا بائعا ومشتريا كان الثاني فاسدا.

وقال محمد بن مسلمة: إنما يدعى له القافة؛ لأنه إن ألحق بالثاني كان الوطء صحيحا؛ لأن ذلك دليل على أنها كانت غير حامل من الأول، وهذا موافق لقول سحنون: إنها تلزمه بالثمن، وكان عليه الأكثر من القيمة أو الثمن؛ لأنه كان متعديا، وإن تبين أنها كانت بريئة الرحم.

التالي السابق


الخدمات العلمية