صفحة جزء
باب في صلاة النوافل والأوقات التي تصلى فيها

والتنفل عند مالك مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين، والليل والنهار في ذلك سواء . قال: ومن زاد ثالثة سهوا أتمها أربعا ، وإن زاد خامسة لم يأت بسادسة. قال: لأن النفل أربع عند بعض العلماء.

وقال محمد بن مسلمة: إن صلى ثلاثا وكان في نهار أتم أربعا، وإن كان في ليل قطع متى ذكر; لأنها مثنى مثنى.

والمراعى في النفل خمسة مواضع:

العدد الذي يجوز أن يقتصر عليه. والقراءة هل هي جهر أو سر؟ وأي ذلك أفضل; في بيته أو في المسجد. وهل تصلى جماعة. والوقت الذي تصلى فيه.

فأما العدد فاختلف الناس فيه; فذهب مالك إلى ما تقدم ذكره أنه مثنى مثنى في الليل والنهار ، فإن صلى ثلاثا أتم أربعا لا يزيد على ذلك شيئا، وسواء على أصله نوى الأربع من الأولى فإنه يؤمر أن يسلم من ركعتين. فإن دخل على نية ركعتين فأتم صلى ثلاثا فإنه يؤمر أن يتمها أربعا. وقد تقدم قول ابن مسلمة في ذلك.

وقال أبو حامد الإسفرايني: أفضل التطوع بالليل والنهار مثنى مثنى [ ص: 379 ] يسلم من كل ركعتين.

وأما الجواز فإنه لا ينحصر بعدد، بل يجوز ركعة، واثنتين، وثلاثا، وأربعا، وزيادة على ذلك بتسليمة واحدة. ويجوز أن يدخل في الصلاة ولا ينوي عددا ثم يسلم عن الكل، وقد روي ذلك عن بعض السلف، قيل له في ذلك، فقال: الذي له أصلي يعرف العدد.

وقال أبو حنيفة: أفضل التطوع بالليل والنهار أربع ركعات بتسليمة واحدة، وأما الجواز فإنه يجوز بالنهار ركعتين ركعتين وأربعا لا يزيد على ذلك، وبالليل ركعتين وأربعا وستا وثمانيا، لا يزيد على ذلك .

فإن كان الخلاف في ذلك حسب ما ذكرناه، فينبغي إذا صلى خمسا أن يتم سادسة ، وإن صلى سبعا أن يتم ثمانيا، وإن سلم على وتر ثلاث أو خمس أو سبع لم يقض صلاته، ولا يقال له: أفسدت نفلك - فأعده، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أحاديث كلها تدل على التوسعة في ذلك:

أحدها: حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " صلاة الليل مثنى مثنى" .

وفي بعض طرقه: " يسلم من كل ركعتين" . [ ص: 380 ]

وحديث ابن عباس قال: " بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين ثم ركعتين. . ." الحديث ، وهو في معنى الأول.

والثاني: حديث عائشة - رضي الله عنها - " قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الليل فيصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا" .

والثالث: حديث عروة عن عائشة - رضي الله عنها -: " قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء من ذلك إلا في آخرها" .

وقالت أيضا: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي تسع ركعات لا يجلس إلا في الثامنة ثم ينهض ولا يسلم ويصلي التاسعة، فلما أسن وأخذه اللحم أوتر بسبع" . أخرج هذين الحديثين مسلم. [ ص: 381 ]

فكان يقوم - عليه السلام - بثلاث عشرة ركعة وإحدى عشرة ركعة، ثم بتسع، ثم بسبع لما كبر وأسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية