صفحة جزء
فصل [في مصالحة الورثة الزوجة على عرض]

وإن صالحوها على عرض من أموالهم ليس من تركة الميت، جاز إذا لم يكن من التركة شيء غائب; لأنها باعت نصيبها من الدنانير والدراهم والعروض بذلك العرض.

وكذلك إذا كان الغائب قريب الغيبة في موضع يجوز فيه النقد. وإن كان بعيد الغيبة ونقد ما ينوب الحاضر ووقف ما ينوب الغائب; جاز.

واختلف إذا كان الغائب أقل الصفقة، فقيل: المعاوضة جائزة، ويقبض جميع العرض، فإن هلك الغائب غرمت ما ينوبه من العرض ولم ترد ما ينوبه وإن كان قائما.

وقيل: يوقف ما ينوب الغائب، فإن سلم الغائب قبضته، وإن هلك رجعت على الورثة فيما وقف له. وعلى القول الأول أن الحكم نقد ما ينوب الغائب فإنه يرجع بالقيمة; لا يجوز وقفه; لأن كل ما يجوز نقده لا يجوز إيقافه. وقد يستخف ذلك إذا نزل للاختلاف فيه.

وإن كان الغائب جل الصفقة، لم يجز أن يشترط انتقاد الثوب، ولا ما ينوب الحاضر منه; لأن الشركة عيب، واستحقاق جل الصفقة عيب. فإذا اشترط انتقاد ما ينوب الحاضر، فقد دخل على أنه إن كان سالما من العيب وهو زوال الشركة أخذه، فإن كان معيبا وهو إذا رجع إلى الورثة جل الحاضر لم [ ص: 4675 ] يقم بعيب.

وإن صالحوها على عرض من تركة الميت، كان لها أن تتصرف في ثمنها وهو نصيبها منه، ثم ينظر إلى ما ينوبه من الحاضر، فيكون لها أيضا أن تتصرف فيه ويوقف ما ينوب الغائب; لأن هذا العرض قد كان فيه شريكا قبل، فليس لواحد من المرأة ولا من الولد أن يقوم بعيب الشركة; لأنه المتقدم.

فإن صالحوها على شيء مما يكال أو يوزن، جاز، وينتقد ما ينوب الحاضر، ويوقف ما ينوب الغائب، إلا أن يكون الغائب جل ما تصالحا به عليه، فيوقف الحاضر، وإن شرطوا نقد الحاضر، لم يجز.

وإن كانت تركة الميت دراهم وعروضا فصالحوها على دراهم من تركة الميت، جاز وإن كثرت الدراهم إذا لم يكن من التركة شيء غائب، وإن كان من التركة شيء غائب وهو أقل الصفقة، جاز وكان لها أن تقبض ما ينوب الحاضر، وإن كان الغالب جل الصفقة لم يجز أن يشترطوا نقد الحاضر، ولم يكن لها أن تقبض ذلك بغير شرط.

وإن كانت تركة الميت ديونا حالة أو مؤجلة فأعطوها من أموالهم مثل [ ص: 4676 ] ما ينوبها من الدين على وجه السلف على أنهم يطلبون الغرماء، فإن أخذوا وإلا رجعوا عليها، جاز.

وإن كان ذلك لتحيلهم على الغرماء لم يجز على قول ابن القاسم; لأنه يرى الحوالة بيعا، وأجازه أشهب وسحنون. وهو أحسن; لأن الحوالة معروف، وكذلك إذا كانت تركة الميت طعاما من قرض أو بيع فأعطوها مثل نصيبها منه يجوز على وجه القرض، فإن أخذوا ذلك من الغريم وإلا رجعوا عليها، ولا يجوز على وجه الحوالة عند ابن القاسم، ويجوز على قول أشهب وسحنون، ولا بأس أن يعطوها في نصيبها إذا كان الطعام من سلم ما ينوبها من رأس المال على وجه التولية.

وقال مالك في شريكين كانا يعملان في حانوت فافترقا على إن أعطى أحدهما دنانير لصاحبه ويسلم له ما في الحانوت وفي الحانوت شركة متاع ودنانير ودراهم وفلوس: لا خير فيه. [ ص: 4677 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية