صفحة جزء
[ ص: 420 ] [ ص: 421 ] كتاب الصلاة الثاني

النسخ المقابل عليها

1 - (ب) = نسخة برلين رقم (3144)

2 - (ح) = نسخة الحمزوية رقم (115)

3 - (س) نسخة الأسكوريال رقم (1082)

4 - (ش2) = نسخة أهل ناجم - تيشيت (شنقيط) [ ص: 422 ]

[ ص: 423 ] بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما

كتاب الصلاة الثاني

باب في سجود القرآن، ومواضعه من القرآن والمواضع التي يوقع فيها من الصلوات وغيرها، والوقت الذي يسجد فيه

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، ويقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار". أخرجه مسلم في صحيحه.

فصل [مواضع سجود القرآن]

اختلف في سجود القرآن، فقال مالك في المدونة: سجود القرآن إحدى عشرة سجدة، أولهن المص، والرعد، والنحل، وبنو إسرائيل، ومريم، والحج أولها، والفرقان، وطس، والم تنزيل، وص، وحم تنزيل. وقال في الموطأ: عزائم القرآن إحدى عشرة سجدة، ليس منهن في المفصل شيء. يريد: هذه المتقدم ذكرها. [ ص: 424 ]

واختلف في الثلاث التي في المفصل، وهي: النجم، وإذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك، هل يمنع السجود فيها، أو يباح، أو يؤمر به; لأنها من العزائم؟ فقيل: لا يسجد فيها; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ترك السجود فيها، وقال أبو جعفر الأبهري: هو مخير إن شاء فعل وإن شاء ترك.

ولمالك في "المبسوط" مثل ذلك، قيل له: أيسجد في: "والنجم"؟ قال: لا بأس. فأباح ولم يأمر.

وذكر أبو محمد عبد الوهاب عن مالك أنه قال مرة: عزائم القرآن أربع عشرة سجدة، وأثبت الثلاث التي في المفصل وجعلها من العزائم.

وقال ابن شعبان: عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم-: العزائم أربعة: الم تنزيل، وحم تنزيل، والنجم، واقرأ باسم ربك؛ لأنه أمر بالسجود، والبقية وصف. [ ص: 425 ]

وقال ابن وهب وابن حبيب: سجود القرآن خمس عشرة. وأثبتا ثانية الحج. وليس بحسن; لأن المفهوم والمراد بها الركوع والسجود في الصلاة. والقول بإثبات السجود في الثلاث التي في المفصل، وأنها من العزائم أحسن؛ لحديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد في إذا السماء انشقت ، وقد اجتمع عليه الموطأ والبخاري ومسلم، وزاد مسلم عنه أنه قال في اقرأ باسم ربك [العلق: 1]: "سجدت بها خلف أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم- فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه". [ ص: 426 ]

وثبت عنه أنه سجد في والنجم بمكة، ولم يأت عنه في حديث صحيح أنه سجد في سوى المفصل إلا في (ص).

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- في البخاري: ليست من العزائم. وفي النسائي: قال -صلى الله عليه وسلم-: "سجدها داود توبة، وأسجدها شكرا".

وإذا ثبت السجود في المفصل ولم يثبت نسخه لم يترك السجود فيها، وقد احتج من نفى السجود فيها بقول يذكر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "لم يسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة".

ولحديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "قرأت على النبي -صلى الله عليه وسلم-: والنجم فلم يسجد". [ ص: 427 ]

والاعتراض بهذين غير صحيح، فأما ما ذكر عن ابن عباس -رضي الله عنه- فقد لا يثبت ذلك عنه; لأنه لم يشهد جميع إقامة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وإنما كان قدومه سنة ثمان بعد الفتح. ويعترض بحديث أبي هريرة، وأنه سجد خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- حسبما تقدم، فكان الأخذ به أولى؛ لصحة سنده; ولأن من أثبت أولى ممن نفى; ولأن النسخ لا يصح إلا بأمر لا يشك فيه، وأن يكون تاريخ الترك متأخرا، ولأنه لو ثبت أنه متأخر لأمكن أن يكون ذلك في غير صلاة، أو في غير إبان صلاة، ولإمكان أن يكون اجتزأ بسجود الركعة; لأن السجود في المفصل في أواخر السور.

وقد قال ابن حبيب في مثل هذا: إن القارئ بالخيار بين أن يسجد أو يركع ويسجد، ويحتمل حديث زيد في ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- السجود; لأن زيدا كان القارئ فلم يسجد زيد؛ لأنه كان على غير طهارة أو في غير إبان صلاة; لأنه لم يقل: سجدت فلم يسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- معي; ولأن السجود ندب، وقد يترك مرة ليعلم أنه ليس بحتم، وقد فعل ذلك عمر -رضي الله عنه- سجد مرة وترك مرة، وقال: إن الله تبارك وتعالى لم يكتبها علينا إلا أن نشاء.

وقال ابن القاسم: كان مالك لا يوجبها، ويأخذ في ذلك بقول عمر -رضي الله عنه-.

واختلف في موضع السجود في حم تنزيل، فقال مالك: إن كنتم إياه [ ص: 428 ] تعبدون [فصلت: 37].

وقال ابن عمر وابن وهب: وهم لا يسأمون [فصلت: 38] وهو أبين; لأن سجود القرآن يتضمن ثلاثة معان: مدح من سجد، وذم من عند، وأمر بالسجود.

ففي سورة الرعد والنحل والحج مدح من سجد، فندبنا عند ذكرهم إلى المبادرة لامتثال ما امتثلوه، وفي سورة الفرقان وغيرها ذم من عند فندبنا للسجود عند نفورهم، وأمرنا بالسجود في النجم وغيرها، وقد تضمن أول هذه الآية أمرا بالسجود وآخرها ذم من عند، ومدح من امتثل وأطاع.

فكان السجود عند ذكر من عند واستكبر أولى; لأن زيادة ذلك القدر من التلاوة لا يخرج عن حكم السجود على القول الأول، ويكون قد أتى بسجود مجمع عليه، وذلك أحوط. [ ص: 429 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية