1. الرئيسية
  2. التبصرة
  3. كتاب تضمين الصناع
  4. باب في سقوط الضمان عن الصانع فيما حدث عن صنعته إذا كان الغالب حدوث ذلك من غير تفريط
صفحة جزء
باب في سقوط الضمان عن الصانع فيما حدث عن صنعته إذا كان الغالب حدوث ذلك من غير تفريط

وقال مالك وابن القاسم وأشهب في "كتاب محمد" في الصانع يدفع إليه القوس يغمزه، والرمح يقومه، والفص ينقشه فينكسر ذلك: لا ضمان عليه إلا أن يغر أو يفرط. وقال محمد: ولا يضمن من دفعت إليه لؤلؤة ليثقبها فتنكسر، قال أصبغ في "العتبية": إذا انخرم الثقب فلا يضمن، ولو نفد الثقب لضمن. يريد: إذا وضع الثقب في غير موضعه.

واختلف إذا احترق الخبز عند الفران، والغزل عند المبيض، فقيل: لا ضمان عليه; لأن النار تغلب، وقال محمد بن عبد الحكم: هو ضامن.

وأرى أن يرجع في ذلك إلى الثقات من أهل المعرفة بتلك الصنعة، فإن قالوا: إن مثل ذلك يكون من غير تفريط لم يضمن، وإن قالوا: إن ذلك عن تفريط لأنه زاد في الوقيد أو أفرط في التأخير ضمن، وليس كل الاحتراق سواء، وكذلك إذا أخرجه عجينا فينظر: هل ذلك لتقصير في الوقيد أو لتعجيل في الإخراج؟ [ ص: 4892 ]

وكذلك الغزل يحترق، فإن قيل: إن ذلك من سبب قلة الماء أو فساد في القدر ضمن. وإن قيل: إن ذلك يكون من غير تفريط لم يضمن، وهذا إذا أحضر الغزل أو الخبز محترقا وعرف أنه الذي استؤجر عليه أو صدقه فيه، فإن لم يأت بشيء وقال: فسد فطرحته، لم يصدق وكان ضامنا إذا لم يحضره، وإن أتى بالخبز ولم يعلم أنه الذي استؤجر عليه ولم يصدقه صاحبه فيه ضمن إذا كان يعمل مثل ذلك لنفسه; لأنه لا يدري هل الذي أفسده متاعه أو متاع الناس؟ ويتهم أن يكون ذلك متاعه، وإن كان عمله للناس خاصة صدق; لأن تمييز ذلك إليه ولا يعلم إلا منه، ولا يتهم أن يفر من أحدهما إلى الآخر، وكذلك إذا كان يخبز لنفسه وكان ذلك مما لا يختلط; لأن أحدهما نقي والآخر ليس كذلك، أو كان أحدهما كبيرا والآخر لطيفا، فإذا تبين أنه ليس من الصنف الذي يخصه قبل قوله وبرئ. [ ص: 4893 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية