صفحة جزء
فصل [في من أكرى راحلة واشترط تأخير ركوبها]

وإن عقد الكراء الآن ليكون الركوب بعد شهر جاز في المضمون، ويقدم الكراء. وإن كانت راحلة بعينها لم يجز شرط النقد.

واختلف إذا شرطا أن لا ينقد إلا عند الركوب هل يجوز العقد؟ [ ص: 5132 ]

فأجازه مالك، ومنعه غيره; لأن فيه تحجيرا على المالك; لأنه لا يقدر على التصرف فيها بالبيع أو السفر الآن، وقد تهلك فيكون قد حجر على نفسه ملكه لغير منفعة يرجوها.

والأول أبين لأنه لم يمنع نفسه عنها لغير منفعة يرجوها، فأجاز ابن القاسم إجارة الراحلة بعينها لتقبض منافعها بعد شهر بخلاف بيع العبد ليقبض بعد شهر; لأن أغراض الناس إذا بيعت الرقاب تعجيل قبضها، فاشتراط الناس التأخير قصدا لبقائها في ضمان البائع، والمنافع ضمانها قبل القبض وبعد القبض من بائعها فلم تكن هناك تهمة، وقد يشترط التأخير; لأنه لم يأت وقت حاجته إلى الركوب.

وإن اشترط الخيار في المعين والمضمون جاز الأمد القريب كاليومين والثلاثة، ويجوز في المعين على قول ابن القاسم أن يكون الخيار الشهر ونحوه، ويجوز على قول غيره إذا كان الخيار لصاحب الراحلة، ولا يجوز إذا كان للمكتري; لأنه حجر عليه ملكه وقد لا يختار بعد انقضاء الأجل.

ويختلف في المضمون: فعلى القول في بيع الخيار أنه إذا أجيز كأنه لم [ ص: 5133 ] يزل منعقدا، يمنعه، وهو أصل ابن القاسم في السلم على خيار. وعلى القول: إنه إنما ينعقد بيعا يوم يختار، يجوز هذا، وإليه ذهب ابن القاسم في كتاب الشفعة إذا بيع نصيب على خيار، ثم بيع الآخر على البت، فجعل الشفعة لمشتري الأول الذي كان له الخياران قبل البيع، وجميع ذلك على غير نقد، فإن شرط النقد كان البيع فاسدا في المعين والمضمون، وإن تطوع بالنقد جاز إذا لم يكن خيار; لأن المكتري عند انقضاء الشهر يأخذ المنافع بالعقد المتقدم ولم يأخذها عن دين.

وقد تتوزع إذا كان الكراء على خيار، ونقد من غير شرط، فقيل: يمنع لأنه يأخذ منافع عن دين، وقد قيل: يجوز، وهو أحسن; لأن الدفع إنما كان ليأخذ هذه المنافع، فلم يدخله "تقضي أو تربي" وهذا في المضمون، وهو في المعين أخف للاختلاف: هل يأخذ منافع من دين تقدم؟ وهو قول أشهب. [ ص: 5134 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية