صفحة جزء
باب في العدالة

العدالة شرط في قبول الشهادة؛ لقول الله -عز وجل-: وأشهدوا ذوي عدل منكم [الطلاق: 2] ، ولقوله سبحانه: ممن ترضون من الشهداء [البقرة: 282] ، ومحمل الشاهد الآن على غير العدالة، حتى يثبت أنه عدل؛ لقوله سبحانه ممن ترضون من الشهداء ومثله أن الناس صنفان: رضى، وغير رضى، فوجب على القائم بشهادته أن يثبت أنه من الصنف الذي هو رضى، ولأن الغالب اليوم من الناس عدم الرضى والعدالة، فوجب حمل الناس على الغالب والأكثر، حتى يعلم غير ذلك، وأعلى منازل الشاهد أن الأمر فيه مشكل ومتردد بين العدالة وسقوطها، وقد شرطت العدالة، فلا تجوز الشهادة مع الشك بوجود ذلك الشرط، إلا من اشتهر اسمه بالصلاح والخير فلا تطلب تزكيته، ويحمل على ما عرف به حتى يثبت غير ذلك.

وقد شهد ابن أبي حازم عند قاضي مكة، فقال: أما الاسم فاسم عدل، ولكن أثبت أنك صاحب هذا الاسم. يريد أنه لا يحتاج إلى تزكية. والعدالة تثبت بشهادة رجلين، إذا كان التعديل من القائم بالشهادة.

واختلف إذا كان ذلك بمسألة من القاضي، سأل من حضره بمسألة من [ ص: 5375 ] مكشفه، سأل من حضره أو مضى إلى من سأله. فقيل: لا يقبل أقل من رجلين؛ لأنها شهادة. وقيل: يقبل واحد; لأنه من باب قبول الخبر. والأول أحسن; لأن الناس قد دخلوا فيحتاط للشهادة، واستحسن إذا ثبتت العدالة من اثنين، أن يزيد البحث والكشف فلا يزيده ذلك إلا خيرا، وإن ارتاب بأمر توقف وكشف.

التالي السابق


الخدمات العلمية