صفحة جزء
فصل [فيمن باع عبدا بمائة دينار، وأحال بالثمن ثم استحق العبد]

وقال ابن القاسم فيمن باع عبدا بمائة دينار وأحال بالثمن ثم استحق العبد قال: فالمشتري يغرم ذلك الثمن للمحال عليه ويرجع به على البائع . [ ص: 5667 ]

وقال أشهب في كتاب محمد: لا شيء على المشتري ولو كان قبض الثمن منه لاسترجعه ، فأجاب ابن القاسم على أصله أن الحوالة بيع وأجاب أشهب على أصله أنها ليست ببيع، وإنما هو على وجه المعروف، ولو لم يحل بالثمن، ولكن باع ذلك الدين أو كان ثمن العبد ثوبا، فباع ذلك الثوب، ثم استحق العبد قبل قبض الثوب من مشتري العبد ، لكان مشتري الدين أو الثوب أحق على القولين جميعا، ولو أحال على ذلك الثوب رجلا له عليه مثله ثم استحق العبد، لكان المحال أحق بالثوب على مذهب ابن القاسم، ويرجع مشتري العبد على بائعه منه بقيمة الثوب، وليس ذلك له على قول أشهب.

والجواب إذا وجد المشتري بالعبد عيبا، فرده قبل دفع الثمن للمحال عليه على ما تقدم إذا استحق العبد، وكذلك إذا وجد البيع فاسدا فإن المشتري يغرم على قول ابن القاسم المائة، ولا يغرم على قول أشهب إلا القيمة إن كانت أقل، وإن كان قائما وفسخ لم يغرم على قوله شيئا، وإن كان الثمن شيئا مما يكال أو يوزن، أو يعود إلى القيمة غرم ذلك للمحال على قول ابن القاسم، ويرجع على البائع منه بالمثل فيما يكال أو بالقيمة إن كان مما لا يكال، وعلى قول أشهب يرجع بذلك على من قبض منه.

ولو تصدق بائع العبد بالثمن، ثم استحق العبد قبل دفع الثمن لم يكن [ ص: 5668 ] للمتصدق عليه قبض الثمن، واتفق على هذا ابن القاسم وأشهب؛ لأن الحوالة بالصدقة ليست ببيع ، وإن قبض ذلك المتصدق عليه وأفاته رجع المشتري على البائع منه. واختلف إذا كان قائما بيد المتصدق عليه، فقال ابن القاسم في كتاب محمد: لمشتري العبد أن يأخذه.

وقال في العتبية: لا شيء فيه ويتبع البائع قال: وإنما دفعه إياه بمنزلة ما لو قبضه البائع ثم دفعه .

وأرى إن كان البائع يوم وهب موسرا أن يكون له قبض الثمن، وإن كان الآن معسرا؛ لأن البائع تصرف في ذلك الثمن بوجه جائز، وإن كان يوم وهب معسرا لم يقبض منه وإن قبض منه استرده؛ لأنها هبة مديان، وقد كان المشتري حين الدفع غير قادر على الامتناع من القضاء بل هو مجبور على ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية