صفحة جزء
باب: في سلام الإمام على الناس إذا خرج عليهم، أو صعد المنبر، وجلوسه قبل الخطبة، وقيامه للخطبة، وما يلزمه في خطبته، وما يلتزم به السامعون من استقباله والإنصات له، وفي التنفل بعد خروج الإمام قبل الخطبة، وفي حال الخطبة

وإذا خرج الإمام على الناس سلم على الذين يخرج عليهم، واختلف في سلامه إذا صعد المنبر، فقال مالك في المدونة: لا يسلم، وقال عبد الملك بن حبيب: ينبغي للإمام أن يسلم إذا جلس للخطبة ويسمع من يليه، وذلك إذا كان أوان دخوله المسجد، كان ممن يرقى المنبر، أو ممن يجلس يخطب إلى جانبه، وينبغي لمن سمعه أن يرد عليه.

قال ابن حبيب: وحدثني ابن أبي أويس عن محمد بن بلال قال: رأيت عمر بن عبد العزيز يخلع نعليه إذا رقي المنبر، ورأيته يسلم إذا رقي المنبر، لا يخفي صوته بذلك، وإذا صعد الإمام المنبر يوم الجمعة جلس حتى يؤذن المؤذنون.

واختلف هل يجلس إذا صعد للخطبة في العيدين، والاستسقاء، ويوم عرفة; فقال مالك في المدونة: يجلس إذا صعد المنبر قبل أن يخطب، وقال في المبسوط: لا يجلس، وإنما يجلس في الجمعة انتظارا للمؤذن أن يفرغ. [ ص: 578 ] قال عبد الملك: وكان يرى إذا استوى على المنبر خطب قبل أن يجلس في العيدين; لأنه لا ينتظر فيهما مؤذن.

قال الشيخ: وقوله في المدونة أحسن; لأن جلوسه ذلك أهدى له لما يريد أن يفتتحه، وفيه زيادة وقار، ويخطب الإمام قائما، متوكئا على عصا، قال ابن شهاب: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام للخطبة أخذ عصا فتوكأ عليها وهو قائم. ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك، قال مالك: وذلك مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر أن يخطبوا ومعهم العصي.

ويستقبله الناس بوجوههم، ويرمقونه بأبصارهم، وليس ذلك عليهم إذا جلس وقبل أن يأخذ في الخطبة، قال ابن القاسم في المدونة: رأيت مالكا متحلقا في أصحابه قبل أن يأتي الإمام، وبعد أن يأتي الإمام وهو قاعد لا يقطع حديثه ولا يصرف وجهه إلى الإمام، فإذا سكت المؤذن وقام للخطبة، تحول هو وأصحابه إلى الإمام واستقبلوه بوجوههم.

وسئل مالك عن التفات الرجل يوم الجمعة والإمام يخطب، قال: لا بأس به; إن الرجل ليحول ظهره إلى القبلة والإمام يخطب، فلا يكون به بأس، ولم ير على من كان في الصف الأول أن يستقبل الإمام. [ ص: 579 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية