صفحة جزء
فصل [فيما يراعى في الاستجمار]

يراعى في الاستجمار وجهان: الصنف الذي يستجمر به، والعدد الذي يقتصر عليه. والأشياء التي يستجمر بها في الجواز والمنع على خمسة أقسام:

فصنف يجوز الاستجمار به، وصنف يمنع الاستجمار به، واختلف في الإجزاء إذا نزل، وثلاثة مختلف فيها في الجواز وفي الإجزاء إذا نزل.

فالأول: الأرض على اختلاف أنواعها من صخر أو مدر وكبريت وزرنيخ وغير ذلك. فهذا يجوز الاستجمار به.

والثاني: ما كان استعماله في ذلك سرفا، كالذهب والفضة والجوهر والياقوت، وما له حرمة كالطعام والملح فلا يستجمر به.

واختلف إذا نزل، فقيل: لمجزئ; لأن المراد زوال النجاسة وقد أزالها، وإن كان متعديا فيما فعل به.

وقيل: لا تجزئه; لأن الصنف الذي أمر به غير ذلك.

والثالث: العود والخرق والفحم وما أشبه ذلك مما هو طاهر ولا حرمة له، ولا يتعلق به حق وليس من أنواع الأرض، فروى ابن وهب عن مالك إجازته، ومنعه أصبغ وقال: إن فعل أعاد في الوقت.

يريد: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل الأحجار; ولأن للأرض تعلقا بالطهارة وهو التيمم.

والرابع: ما كان طاهرا وليست له حرمة ويتعلق به حق الغير، وهو العظم والبعر. [ ص: 71 ]

والخامس: ما كان من النجاسة جامدا روثا أو غيره واختلف في ذلك عن مالك، فروى ابن وهب عنه في سماعه أنه قال: ما سمعت فيه بنهي عام، وقد سمعته هكذا ولا أرى به بأسا وكرهه في سماع ابن القاسم .

والقول في جواز ذلك بالعود والخرق أحسن; لأن المراد إزالة النجاسة، وما روي في الأحجار فلأنها أوجد وأيسر. ولا يجوز بالروث؛ لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - . ولا بالعظم والبعر لحديث جابر - رضي الله عنه -: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يمسح بهما" ، فإن فعل أجزأ; لأنه قد أنقى.

واختلف في العدد الذي يكتفى به، فقيل: إن أنقى بحجر واحد أجزأ، وقيل: لا يكتفى بدون ثلاثة آخرهن نقية .

وهو أحسن لحديث سلمان - رضي الله عنه - وفي بعض الأمهات أن جابرا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار" أخرجه مسلم .

ولأنه موضع غير مرئي، ويمكن أن تلقى يده أول مرة غير الموضع الذي [ ص: 72 ] فيه الأذى. وإنما اقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على حجرين لعدم الثالث، وهذه ضرورة. ويمكن أن يكون استعمل من أحد الحجرين رأسين، وإذا لم يقع الإنقاء إلا بأربع تمادى إلى خمس، وإن أنقى بستة تمادى إلى سبع; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من استجمر فليوتر" . [ ص: 73 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية