صفحة جزء
فصل [في زكاة الركاز]

وإذا وجد الركاز في فلاة من الأرض ؛ كان لواجده ، وفيه الخمس .

واختلف إذا وجده وحده في أرض مملوكة بشراء ، أو خطة ، أو عنوة ، أو صلح ؛ فقال مطرف ، وابن الماجشون ، وابن نافع ، وأصبغ في كتاب ابن حبيب : هو لواجده .

وقال ابن نافع موضع آخر : إذا كان جاهليا . وقال مالك في كتاب ابن سحنون فيمن وجد ركازا في منزل غيره : أنه لصاحب المنزل .

وقال عبد الملك بن الماجشون فيمن استأجر رجلا يحفر له في داره ، فوجد ركازا : هو لصاحب الدار . وهذا خلاف ما حكى عنه ابن حبيب .

وقال مالك في المدونة فيمن وجد ركازا من دفن الجاهلية في بلاد قوم صالحوا عليها : فأراه لأهل تلك الدار الذين صالحوا عليها دون من أصابه . [ ص: 963 ]

وإن أصيب في أرض عنوة ؛ كان لجماعة المسلمين أهل تلك البلاد الذين افتتحوها دون من أصابه .

قال ابن القاسم : لأن ما في داخلها بمنزلة ما في خارجها ، وهو لجميع أهل الجيش ، ويخمس . قال ابن القاسم في كتاب محمد : إلا أن لا يوجد أحد ممن كان افتتحها ، ولا من ورثتهم ، فيكون لجماعة المسلمين عنهم ما كان لهم ، وهو أربعة أخماسه ، ويوضع خمسه موضع الخمس إلا أن يعلم أنه لم يكن لأهل تلك العنوة فيكون لمن وجده ، ويخرج خمسه .

وقال سحنون في العتبية : إذا لم يبق من الذين افتتحوها أحد ، ولا من أولادهم ، ولا من نسلهم - جعل مثل اللقطة ، وتصدق به على المساكين . وإن كانت الأرض لا يعرف كانت عنوة ، أو صلحا ، أو ملكا - فهو لمن أصابه .

وقال أشهب في مدونته فيمن وجد شيئا من دفن الجاهلية في بلد قوم صالحوا عليها : إن كانوا مما يجوز أن يكون لهم ؛ كان فيه التعريف ، وليسوا بأعظم حرمة في دفنهم من المسلمين في دفنهم إذا وجد كان فيه التعريف . وإن كان مما لا يجوز أن يكون لهم ، وإنما هو لمن لم تكن له ذمة ، ولا ممن يرثه أهل [ ص: 964 ] الذمة- ففيه الخمس ، وسائره لمن وجده .

وقال ابن القاسم في المدونة : إن أصابه إنسان في دار نفسه ، فإن كان من الذين صالحوا على تلك الأرض ؛ كان له ، وإن كان من غير الذين صالحوا على تلك الأرض ، كان للذين صالحوا على تلك الأرض . يريد : إذا كان الذين صالحوا على تلك الأرض جماعة ، وإن كان واحدا ؛ كان له ، وهذا مثل قول مالك : إن الركاز لبائع الأرض دون المشتري . وقد قال ابن القاسم في مثل هذا : أن ما في داخلها بمنزلة ما في خارجها . وقول مالك أنه لمالك الأرض دون المشتري ، أحسن ؛ لأن من اختط أرضا أو أحياها ، ملكها وملك ما في بطنها ، ولا خلاف أنه أحق به ، وليس جهله به هي هنا مما يسقط ملكه عنه ، وإنما يدخل المشتري في الشراء على المعتاد ، فجهل الأول والثاني مختلف ؛ فجهل الأول لا يزيل ملكه ، ويوجب له ملك ما في بطنها وإن لم يقصده ، وجهل المشتري لا يوجب له شراء ما لم يقصده ، ولا يسقط ملك الأول ؛ لأنه لم يقصد بيعه . ويختلف إذا استأجر المشتري أجيرا فحفر له ، فوجد الأجير ركازا ؛ هل يكون له أو للمشتري أو للبائع ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية