صفحة جزء
فصل [في العاملين على جمع الزكاة ومن لا يستعمل عليها]

قال الله -عز وجل- : والعاملين عليها [التوبة : 60] ، وهم الذين يستعملون على جمع الزكاة ، فيعطى أجرته بقدر سعيه ، وتعبه ، وما تكلف من القرب والبعد . [ ص: 971 ]

ويجوز أن يستعمل عليها غني ؛ لأنه يأخذ ذلك بوجه الأجرة ، ولا يستعمل عليها أحد من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - .

واختلف في العبد والنصراني ، فقال محمد : لا يستعملان عليها ؛ لأنهما لا حق لهما في الزكاة ، فإن استعملا وفات ؛ انتزع منهما ما أخذا وأعطيا من الفيء .

وأجاز ذلك أحمد بن نصر ، وقاسهما على الغني . قال : وقول محمد استحسان . وأجاز محمد بن عبد الحكم أن يعطى منها للجاسوس ، وإن كان نصرانيا . ويجوز على هذا أن يستعمل عليها العبد والنصراني ، ويعطيا الأجرة منها .

والأصل في جواز استعمال الغني قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ، أو لرجل اشتراها بماله ، أو رجل له جار مسكين " الحديث .

وفي منع من كان من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عبد المطلب ابن الحارث ، وللفضل بن عباس وقد سألاه أن يستعملهما على الزكاة فقال : "إن الصدقة لا تحل لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس" أخرجه مسلم . [ ص: 972 ]

ولا أرى أن يمنع استعمال العبد والنصراني عليها ، وأن يأخذا العوض منها ؛ لأن كل واحد منهما بائع لمنافعه ، فيأخذ العوض منها قياسا على الغني .

وأما منع - صلى الله عليه وسلم - آله من الاستعمال عليها ، فإن ذلك تنزيه وإعظام لحرمته ؛ لأن أخذها على وجه الاستعمال عليها لا يخرجها عن أوساخ الناس ، والإذلال في الخدمة لها وفي سببها .

التالي السابق


الخدمات العلمية