صفحة جزء
فصل [في تحريم الصدقة على آل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

لا تحل الصدقة لآل النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله : "لا تحل الصدقة لآل محمد" . أخرجه البخاري ، ومسلم .

واختلف في ثلاثة مواضع من معنى الحديث :

أحدها : من آله بنو هاشم ، أو قريش ؟ ، والثاني : دخول مواليهم في التحريم ، والثالث : هل تدخل صدقة التطوع في التحريم ؟

فقال ابن القاسم في كتاب محمد : آله بنو هاشم . وقال أصبغ : هم عشيرته الأقربون آل غالب ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين [الشعراء : 214] . نادى : "يا آل قصي ، يا آل عبد مناف " . [ ص: 991 ]

والقول الأول أحسن ؛ لأن العشيرة غير الأقارب ، والعشيرة تتسع ، وإنما نزل القرآن في الأقرب من العشيرة ، ليس الأقربين مطلقا ، وليس الأقربون كالأقرب من العشيرة .

وأجازها ابن القاسم لموالي آل محمد . ومنع ذلك مطرف ، وابن الماجشون في كتاب ابن حبيب . وقال مالك في كتاب ابن حبيب أيضا : لا يعطى لآل محمد من التطوع . وأجازه ابن القاسم في كتاب محمد .

والذي آخذ به ، أنها تحرم على بني هاشم دون من بعدهم ، وأن مواليهم بمنزلتهم ، وأن الزكاة ، والكفارات ، والتطوع في ذلك سواء لحديث أبي رافع قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال لأبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اصحبني كيما تصيب منها . فقال : لا ، حتى آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسأله ، فأتاه فسأله ، فقال : "إن الصدقة لا تحل لنا ، ولا لموالينا" . وهذا حديث صحيح ذكره الترمذي في مسنده فيه فائدتان :

إحداهما : أن الصدقة حلال لبني مرة بن كعب ، فمن بعدهم إلى غالب ، [ ص: 992 ] خلاف ما ذهب إليه أصبغ ؛ لأن مخزوم تجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مرة .

والثانية : أن مواليهم بمنزلتهم في تحريم الصدقة ، وأعطيت بريرة شاة من صدقة ، فأهدت منها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقيل له : إنها صدقة ، وأنت لا تأكل الصدقة . فقال : "هي عليها صدقة ، ولنا هدية" . فتضمن هذا الحديث أيضا إباحتها لبني مرة ؛ لأن عائشة تجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة ، وأن أزواجه غير داخلات في التحريم ، فإباحته إياها لبريرة ، ومولاتها في التحريم بمنزلتها ، ولو كان أزواجه بمنزلته ؛ لحرمت على بريرة كما حرمت على أبي رافع .

وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "أوصيكم بأهل بيتي ، أوصيكم بأهل بيتي ، أوصيكم بأهل بيتي قيل لزيد : من أهل بيته ، نساؤه ؟ قال : لا ، إن المرأة تقيم مع الرجل الزمان ثم يفارقها فترجع إلى بيت أهلها . وأهل بيته : أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده . وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس . كل هؤلاء يحرمون الصدقة" . [ ص: 993 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية