صفحة جزء
باب فيمن هرب بماشية عن الزكاة

واختلف فيمن هرب بماشيته خمس سنين وهي أربعون شاة ، ثم جاء الساعي وهي بحالها لم تزد ولم تنقص . فقال ابن القاسم : تؤخذ منها شاة ؛ لأنه يبتدئ بأول عام ، والباقي تسعة وثلاثون ، فلا زكاة عليه فيها . وقال أشهب وعبد الملك : يؤخذ منها خمس شياه ؛ لأنه يبتدئ بآخر عام وهي أربعون فيأخذ منها شاة ، وأربعة في ذمته ، والدين لا يسقط زكاة الماشية .

والقول الأول أحسن ؛ لأن الشاة التي كان الحكم أن تؤخذ أول عام موجودة ، وهي التي غصبت ، ولا تكون في الذمة إلا بإتلاف أو بعد التغير بنقص ، وإن تغيرت بزيادة أخذت بزيادتها ؛ ولو كان ذلك دنانير وهي عشرون دينارا منع زكاتها خمس سنين ، فإن لم يكن له عرض يجعل فيه قدر زكاة الأعوام الفارطة زكاها عن عام واحد ؛ لأن الدين يسقط زكاة العين بخلاف الماشية .

واختلف إذا كان له عرض لم يحل عليه الحول ، فقال ابن القاسم : يزكى عن أول عام نصف دينار ، وقاله ابن وهب . وعلى القول الآخر : يزكي عن الأعوام كلها إذا كانت قيمة العرض دينارين .

واختلف أيضا إذا صارت الأربعون شاة في العام الخامس ألف شاة [ ص: 1058 ] بفائدة أفادها . فقال ابن القاسم : إنه يزكي شاة واحدة ؛ لأنه يبتدئ بأول عام فيحط الأولى عن النصاب ، وتكون الفائدة إلى دون نصاب ولم يحل الحول على الفائدة فيستأنف بها حولا . وقال عبد الملك وأصبغ : يزكي أربع عشرة شاة يأخذ عشرا عن آخر عام وبه يبتدئ ، وأربع في الذمة . وقال أشهب : يزكي عن الألف للسنين الماضية ، بمنزلة من تخلف عنه الساعي ، وليس هذا بحسن ، وليس على هذا أن يؤدي عن كل عام إلا ما تعدى فيه وغصبه ، لا أكثر من ذلك .

وأما من تخلف عنه الساعي ، فقد قيل : إن ذلك سنة تتبع على حالها ، وليس ذلك لأنه بقياس .

وقد خالف عبد الملك فيمن غاب عنه الساعي وقال : لا يزكي الألف إذا أفادها في العام الخامس إلا عن عام واحد .

ولو هرب بماشيته وهي ألف ووجدها في العام الخامس أربعين ، وقال : لم تزل على ذلك منذ هربت ، وحينئذ كان الهلاك ، لم يقبل قوله وزكيت على ما كانت عليه ، إلا هذا العام فإنه يزكي عنه شاة واحدة ؛ لأنه متهم في قوله لما هرب بها ، والظالم أحق أن يحمل عليه . [ ص: 1059 ]

وإن غاب بها وهي أربعون ، ثم وجدها في العام الخامس ألفا ، فقال : أفدت الزائد على ما كانت عليه في هذا العام ، قبل قوله عند ابن القاسم ، ولم يقبل قوله عند ابن حبيب . والأول أحسن ، ومحمله على ما كانت عليه إلا هذا العام ، ولا يؤخذ بغير ما أقر به . [ ص: 1060 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية