صفحة جزء
فصل في الخلاف في أفضلية المشي راكبا أو ماشيا للحج

واختلف في الحج راكبا أو ماشيا أي ذلك أفضل ؟

فاحتج من قال راكبا أفضل : بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج راكبا . وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : وددت أني حججت ماشيا . وحج حسين بن علي - رضي الله عنهما - وابن جريج والثوري ماشيا .

وأرى المشي أفضل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار" أخرجه البخاري فدخل في ذلك المشي إلى الحج والمساجد والغزو ؛ لأن كل ذلك من سبل الله . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج إلى جنازة ماشيا ، ورجع راكبا . وفي الترمذي قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : من السنة أن [ ص: 1127 ] يخرج إلى العيدين ماشيا .

وقال مالك : يستحب المشي إلى العيدين . وقال فيمن يخرج إلى الاستسقاء : يخرج ماشيا متواضعا ، غير مظهر لزينة . وكل هذه طاعات يستحب للعبد أن يأتي مولاه متذللا ماشيا ومتواضعا غير مظهر لزينة .

وقد رئي بعض الصالحين بمكة ، فقيل له : أراكبا جئت ؟ فقال : ما حق العبد العاصي الهارب أن يرجع إلى مولاه راكبا ، ولو أمكنني لجئت على رأسي .

وأما حج النبي - صلى الله عليه وسلم - راكبا ففيه وجهان :

أحدهما : أنه كان يحب ما خف على أمته ، ولو مشى لم يركب أحد ممن حج معه .

والثاني : أنه كان قد أسن ، فكان أكثر صلاته بالليل جالسا . [ ص: 1128 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية