صفحة جزء
فصل [في تجليل الهدي]

ويجلل الهدي بعد الإشعار ، والجلال على قدر السعة ، قال ابن حبيب : فمنهم من يجلل الوشي ، ومنهم يجلل الحبر ، والمشطب ، والقباطي ، والأنماط ، والملاحف والأزر .

قال مالك في كتاب محمد : ويشق على الأسنمة إذا كانت قليلة الثمن لئلا تسقط ، وما علمت من ترك ذلك إلا ابن عمر - رضي الله عنهما - ، استبقاء للثياب ؛ لأنه كان يجلل الحلل المرتفعة ، وكان لا يجلل حتى يغدو من منى .

وروي عنه : أنه كان يجلل بذي الحليفة ، فإذا مشى ليلة نزعه ، وإذا قرب من الحرم جللها ، وإذا خرج إلى منى جللها ، وإذا كان النحر نزعه .

وقال مالك في الموطأ : أما الجلال ؛ فينزع لئلا يخرقه الشوك ، وأما القباطي ؛ فتترك عليها لأنها جماد . [ ص: 1145 ]

واختلف أي ذلك يقدم : الصلاة أو التقليد أو الإشعار ؟

فقال مالك في المدونة : تقلد ، ثم تشعر ، ثم يدخل المسجد فيصلي .

وقال في المبسوط : يركع ثم يقلد ثم يشعر .

وهو أحسن ؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ، وقد تقدم

والتقليد والإشعار قبل الإحرام ، إذا كان الهدي تطوعا ، أو كان عن تمتع ، أو قران مضى ، وعن عام فرط .

فإن تمتع بعمرة لم يقلد ، ويشعر قبل أن يحرم بالحج ؛ لأن دم المتعة لم يجب قبل الإحرام ، وإيجابه قبل الإحرام تطوع ، والتطوع لا يجزئ عن واجبه .

واختلف إن فعل وقدم الإشعار والتقليد قبل الإحرام ، فقال أشهب وعبد الملك : لا يجزئه . وقال ابن القاسم : يجزئه .

وكذلك القران لا يوجب الهدي عند التقليد قبل أن يحرم بالقران ، فإن فعل ؛ لم يجزئه على قول أشهب وعبد الملك ، وأجزأه على قول ابن القاسم .

وفي كتاب الحج الثاني من المدونة : إذا أهدت امرأة هديا تطوعا ، وهي معتمرة ، ثم حاضت قبل أن تطوف ، فأردفت الحج وصارت قارنة : أنه يجزئها ذلك الهدي عن دم القران .

وكذلك الرجل يعتمر ، ثم يردف الحج قبل الطواف ، وكان قد قلد هديا قبل [ ص: 1146 ] أن يقرن ، فإن هو طاف وسعى للعمرة ، ثم أخر نحر الهدي لينحره عن التمتع ؛ كان فيه قولان : فقال مرة : يجزئه عن دم القران . ومرة قال : لا يجزئ .

وكل هذا راجع إلى التقليد والإشعار ، هل يجب به الهدي أم لا ؟

وهذا فيما سوى الغنم ، فإنها تجب على قول مالك بالنية والسوق ، أو بالنية بانفرادها وإن لم تسق ؛ لأنها لا تقلد ولا تشعر ، فلم يبق إلا النية .

التالي السابق


الخدمات العلمية