صفحة جزء
فصل [في الموالاة بين الطواف وركعتي الطواف والسعي]

ويوالي بين الطواف والركوع والسعي . وإن فرق الطواف متعمدا لم يجزئه ، إلا أن يكون ذلك التفريق يسيرا ، أو يكون لعذر وهو على طهارته . فإن انتقضت طهارته توضأ ، واستأنف الطواف من أوله . وسواء انتقضت تعمدا أو غلبة ، قال ابن القاسم في كتاب محمد : ولو بنى بعد أن توضأ لرجع كمن لم يطف . [ ص: 1189 ]

وإن أقيمت الصلاة على الطائف ، وقد بقي عليه شوط أو شوطان فلا بأس أن يتممهما إلى أن تعتدل الصفوف . وإن كان في أول الطواف قطع وصلى ، ثم بنى على ما كان من طواف ؛ لأن الخروج إلى الفريضة ضرورة .

واختلف إذا خرج لصلاة جنازة ، فقال ابن القاسم : يبتدئ . وقال أشهب في كتاب محمد : يبني وقال ابن القاسم : وإن خرج لنفقة نسيها ابتدأ وعلى قول أشهب يبني إذا كان في مثل ما يبني أو كانت جنازة ، وهو في الخروج إلى النفقة أعذر .

واختلف إذا فرق بين الطواف والركوع ناسيا ، فقال في كتاب محمد : إذا نسيهما حتى سعى ركعهما ، وأعاد السعي . قال : وقيل يبتدئ .

وقال مالك : إن انتقض وضوؤه بعد تمام طوافه وقبل أن يركع توضأ ، واستأنف الطواف تطوعا أو واجبا ؛ لأن الركعتين من الطواف ، ويوصلان بالطواف إلا أن يبعد ، فلا يرجع ويركع ويهدي . وإن كان الطواف تطوعا لم يبتدئه ، إلا أن يشاء إذا لم يتعمد الحدث . ويلزم على قوله في الناسي -أنه يبني- أن يقول مثل ذلك إذا انتقضت طهارته ، فيجدد الطهارة ويبني ، وإن [ ص: 1190 ] كان الطواف واجبا .

قال في كتاب الحج الثاني من المدونة : إذا لم يذكر الركعتين حتى جامع يعتمر ويهدي . وإن كان لم يركعهما حتى عاد إلى بلده ؛ ركعهما حيث هو ، وأهدى .

وقال المغيرة : يركعهما ، ويرجع . وإذا نسيهما من الطواف الأول ، ثم ذكر قبل يوم التروية- أعاد الطواف والسعي . وإن ذكر يوم التروية أو يوم عرفة كان كالمراهق ، يخرج ولا يطوف . ويستحب له إذا كان يوم التروية : أن يطوف قبل أن يخرج . فإن خرج قبل أن يطوف فذكر وهو بعرفة ، أو بعد الوقوف ، فإنه إذا طاف طواف الإفاضة أضاف إليه السعي .

واختلف في الدم : هل يسقط عنه ويكون كالمراهق ، أو لا يسقط ؛ لأن النسيان فيه ضرب من التفريط ؟ وإن لم يذكر حتى أصاب النساء اعتمر وأهدى . وإن نسيهما من طواف الإفاضة ، ثم ذكر في أيام الرمي- أعاد الطواف وركع ولا دم عليه . وإن خرجت الأيام ، ولم يخرج شهر ذي الحجة- طاف وركع ، واختلف في الدم . وإن خرج الشهر كان عليه الدم ، فإن أصاب النساء اعتمر وأهدى كالأول . وإن نسيهما من الطواف الأول ثم ذكر بعد خروج ذي الحجة ، ولم يصب النساء- كان عليه هدي لتأخير طواف الإفاضة ؛ لأنه يصير بمنزلة من لم يطف ، لما لم يضف إليه السعي . ويختلف هل يكون عليه هدي لتأخير طواف القدوم ؛ لأنه كان عليه أن يقدمه ، فلما أفات ذلك حتى وقف كان عليه هدي ، ثم عليه أن يطوف طواف الإفاضة ويركع ويسعى ، فلما نسي ذلك حتى خرج الشهر كان عليه هدي أيضا . [ ص: 1191 ]

وظاهر المدونة : ألا دم عليه عن الأول . وقال مالك فيمن طاف الطواف الأول على غير وضوء : لا دم عليه لما أخر من الطواف إذا أصاب النساء ؛ لأنه لم يتعمد ، وهو بمنزلة المراهق ، وجل الناس يقولون : لا عمرة عليه ، والعمرة تجزئ من ذلك كله ، وقال محمد : إذا ذكر بعد فراغه من حجه وهو بمكة- أن الطواف الأول كان على غير وضوء- طاف وسعى ، ولا دم عليه . وليس بمنزلة المتعمد والناسي .

التالي السابق


الخدمات العلمية