صفحة جزء
باب فيما يفعله الحاج يوم النحر من رمي ونحر وحلاق ولباس وطوف ، وهل يحل له النساء والصيد ؟

ومن دفع من المشعر الحرام ثم أتى منى رمى جمرة العقبة ، ثم ينحر أو يذبح إن كان معه هدي ، ثم يحلق ، ثم يلبس المخيط ، ثم يطوف طواف الإفاضة ، فيحل له إذا طاف : النساء والطيب والصيد ، ثم يعود إلى منى فيصلي بها الظهر . فإذا أخطأ فقدم النحر على الرمي رمى ولا شيء عليه ، وإن قدم الحلاق على الرمي رمى وعليه الفدية .

واختلف إذا قدم الإفاضة على الرمي ، فقال مالك وابن القاسم : تجزئه الإفاضة ، وعليه الهدي . وقال أيضا : لا تجزئه ، وهو كمن لم يفض . وقال أصبغ : أحب إلي أن يعيد الإفاضة ، وهو في يوم النحر آكد .

واختلف إذا قدم الحلاق على الذبح ، فقال مالك : يذبح ، ولا شيء عليه . وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب : عليه الفدية : لقول الله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [البقرة : 196] . يريد : فينحر . وحمل مالك الآية على بلوغه المحل وإن لم ينحر ، وإن قدم الإفاضة على الذبح [ ص: 1220 ] أجزأته الإفاضة ويذبح ، ويجري فيها قول آخر : أنه يعيد .

واختلف إذا قدم الإفاضة على الحلاق ، فقال مالك : يجزئه . وقال في كتاب محمد : قول ابن عمر أحب إلي ، فيحلق بمنى ، ثم يعيد الإفاضة . فإن لم يعد أجزأه ، وعلى قوله هذا يعيد من قدم الإفاضة على الذبح ، وقد جاءت السنة في هذه الأربعة أن الترتيب فيها حسبما تقدم في أول الباب : الرمي ، ثم الذبح ، ثم الحلاق ، ثم الإفاضة ، وجاء القرآن بتقديم الذبح على الحلاق والإفاضة في قوله تعالى : ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله [البقرة : 196] . وكذلك قوله : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق . فيه : تقديم الذبح ، ثم الحلاق والإفاضة . وجاءت السنة في التوسعة فيمن خالف ذلك وهو غير عالم ، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان في حجة الوداع يوم النحر بمنى ، فجاء رجل ، فقال : يا رسول الله ، لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ فقال : "ارم ولا حرج" . وقال آخر : لم أشعر ، فحلقت قبل أن أذبح ؟ قال : "اذبح ولا حرج" . وقال آخر : أفضت إلى البيت قبل أن أرمي ؟ قال : "ارم ولا حرج" . قال : فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : "افعل ولا حرج" اجتمع عليه البخاري ومسلم والموطأ ، وبعضهم يزيد على بعض . [ ص: 1221 ]

والرمي والنحر يبيحان الحلاق دون إصابة النساء والصيد والطيب . واختلف في اللباس والاغتسال وإماطة الأذى من قص الأظفار وغير ذلك ، فقال مالك : جائز .

التالي السابق


الخدمات العلمية