صفحة جزء
فصل [في الحصى التي يرمى بها]

واللقط أحب إلى مالك من الكسر . وفي كتاب مسلم : أنها تكون مثل حصى الخذف . ولا يرمي بحصى الجمار ؛ لأنه قد رمي بها ، فإن فعل أجزأه عند مالك . وقال ابن شعبان : لا يجزئه . لأنه قد تعبد به مرة كمن توضأ بماء قد توضأ به مرة . قال : ولأن المعروف أن ما يتقبل من الحصى يرفع ، فيكره أن يرمي بما لم يتقبل . وكرهه أيضا مالك في الحصاة الواحدة . وهذا إذا كانت مما رمى به غيره ، ولو كرر الرمي بحصاة واحدة سبع مرات لم يجزئه .

وأول وقت الرمي يوم النحر بعد الفجر ، فمن رمى قبل لم يجزئه . ويستحب أن يؤخر حتى تطلع الشمس ، ثم له سعة في التأخير ما لم تزل الشمس فلا يؤخر عنه . قال ابن القاسم في العتبية : فإن زالت الشمس ؛ فات الرمي ، إلا لمريض أو ناس . وأول وقت الرمي في أيام التشريق بعد الزوال ، [ ص: 1228 ] فمن رمى قبل ذلك لم يجزئه ، ثم له سعة ما لم تصفر الشمس . قال ابن القاسم : فإن اصفرت فقد فات الوقت إلا لمريض أو ناس . والمذهب : على ألا دم عليه حتى تغرب الشمس .

وقال ابن القاسم فيمن نسي حصاة من الجمرة الأولى ، وقد رمى بعد ذلك الوسطى وجمرة العقبة : أتم على الأولى فرماها بحصاة ، وأعاد رمي اللتين بعدها . وسواء ذكر ذلك في بقية يومه أو من ليلته أو من الغد أو في الليلة التي تليها فإنه يتم الأولى ، ويعيد رمي اللتين بعدها ، إلا في وجه واحد فإنه إذا ذكر بعد أن رمى اليوم الثاني قبل أن تغرب الشمس فإنه يتم الأولى ، ويعيد رمي اللتين بعدها ثم يعيد رمي جميع الثلاث ، فإذا غربت الشمس لم يعد رمي يومه ذلك . وكذلك إذا ذكر في اليوم الثالث بعد أن رمى الثلاث فيه ، فإنه يتم الأولى ويعيد رمي اللتين بعدها ، ثم يعيد رمي يومه . وإن غربت الشمس لم يكن عليه شيء لا لليوم الأول الذي أسقط منه ولا لغيره ؛ لأن أيام الرمي قد خرجت بغروب الشمس .

وقال فيمن نسي حصاة فلم يدر هل هي من الأولى أو من الثانية أو الثالثة : يتم الأولى بحصاة ، ثم يعيد اللتين بعدها . وقال أيضا : يبتدئ رمي جميع الثلاث . وجوابه هذا يحتمل أن يكون لأن الرمي عنده يكون متواليا ، ويستأنف الجميع في هذه وفي المسألة التي قبل . أو يكون قال ذلك لأنه يمكن أن يكون نسي أول حصاة ثم ابتدأ الرمي ليوم ثانيه حصاة ، وهو يظن أنه رمى الأولى ، فإن كل حصاة تحتاج إلى نية . [ ص: 1229 ]

وقال أبو مصعب : من نسي رمي جمرة من الجمار فليرم متى ذكر . وإنما هو بمنزلة الصلاة يصليها متى ذكر ، ولم يقل إن كانت الأولى أعاد ما بعدها .

وقال مالك : فيمن ترك حصاة أهراق دما ، وإن ترك جمرة أو الجمار كلها فبدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة .

قال أحمد بن المعذل : والهدي ما سيق من الحل ، وما لم يسق من الحل فلا يقع عليه اسم هدي . يريد : أن قول مالك "يهريق دما" ليس عليه أن يجمع بين حل وحرم ، ولا أن يقلده . وقال الطبري : الهدي عندي إنما سمي هديا لأنه يتقرب به مهديه إلى الله تعالى ، بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه . وعلى قوله يصح أن يسمى هديا ما لم يجمع فيه بين حل وحرام .

ومن فرق رميه فرمى كل جمرة بحصاة ، ثم كرر حتى أتم سبعا ، احتسب بالأولى وبحصاة واحدة من الثانية ، وأتمها ، واستأنف الثانية بسبع ، وإن نكس رميه فرمى الأولى ثم الثالثة ثم الثانية أعاد الثالثة . وإن ابتدأ بالثانية ثم الثالثة ثم الأولى أعاد رمي الثانية ثم الثالثة . وكذلك إن ابتدأ بالثانية ثم الأولى ثم الثالثة احتسب بالأولى ، ثم أعاد الثانية والثالثة . وكذلك إن ابتدأ بالثالثة ثم الثانية ثم الأولى احتسب بالأولى وحدها . وإن ابتدأ بالثالثة ثم الأولى ثم الثانية أعاد الثالثة وحدها . [ ص: 1230 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية