صفحة جزء
باب في الديوان والجعائل

ويستحب لمن أراد الغزو ألا يأخذ عليه أجرا ، ويجعله لله خالصا . وإن أحب أن يكتتب في ديوان الجند والعطاء لم يمنع إذا كان العطاء من حيث يجوز .

وإذا كتب الأمير بعثا ليخرج فيه جندا معلوما أو أهل ثغر ، فأراد أحد ممن أمر بالخروج أن يجعل جعلا لمن يخرج مكانه فلا بأس به إذا كان الثاني من أهل الديوان ، وإن لم يكن كره أن يسفك دمه لمال يأخذه ، فإن فعل وخرج كان له ذلك المال .

ولا يخرج أحد مكان أحد إلا بعد علم الأمير بالخروج وإذنه ، فقد يكون الأول أنجد ، وإن كان الثاني أنجد وهو من أهل الديوان فيستأذنه أيضا ؛ فقد يرى الباعث إبقاءه أولى لأمر يحتاجه له ، وإن لم يكن من أهل الديوان أعلمه حماية ؛ لئلا يخرج أمر الجيش عن تدبيره ورأيه .

وإن أراد رجلان أن يتطاويا وهما من ماحوزين ، فيرجع كل واحد منهما إلى ماحوز الآخر فلا بأس بذلك إذا رأى ذلك عرفاؤهما .

وإن تنازع رجلان من أهل الديوان في اسم ، وأشكل أمرهما لاتفاقهما في الأسماء والآباء ، وقال كل واحد : أنا ذلك الرجل فإنه لا يخلو اختلافهما أن [ ص: 1446 ] يكون رأس الحول عند العطاء أو قبله ، أو عند بعث ذلك الجيش .

فإن كان عند رأس الحول تحالفا واقتسما ذلك العطاء ، وإن نكل أحدهما كان للحالف ، ثم ينظر الأمير ، فإن رأى أن يثبتهما أثبتهما ، وفرق بينهما بزيادة حلية ، أو صناعة ، أو جد .

وإن رأى أن يثبت أحدهما فعل ذلك به ، وكذلك إن تنازعا عند خروج بعث تلك العرافة ، وأخرج لهم حينئذ العطاء ، إلا أن يرى الأمير أن يبعث أحدهما ، وإن لم يكن الثاني من تلك العرافة أخرجه ، وجعل العطاء للآخر ، إلا أن يرى أن خروج الثاني أولى ، وأما إن قال : يخرج بعث الثغر الفلاني أو الجيش الفلاني- فإنهما يتحالفان ويقتسمان ذلك العطاء ، ويخرجان أو يقترعان ، على أيهما وقعت القرعة خرج ، ولم يرد القاعد على الخارج شيئا ؛ لأن الأمير أعطى عطاء واحدا ، وحقه في خروج واحد ، فلا مقال له على القاعد ، وهو فيما بينهما على أنهما قد استحقاه بعد أيمانهما واقتراعهما ، إنما هو تخفيف لأحدهما على الآخر ، ليس ليرد له شيئا .

وإن كان اختلافهما بعد أخذ العطاء رأس الحول ، أو بعد رجوعهما وفي حين ليس فيه عطاء كان الأمر إلى الإمام في أن يثبتهما ، أو أحدهما حسب ما تقدم . [ ص: 1447 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية