صفحة جزء
[ ص: 1583 ] كتاب العقيقة

النسخ المقابل عليها

1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

2 - (م) نسخة مراكش رقم (112/ 1)

[ ص: 1584 ]

[ ص: 1585 ]

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم

كتاب العقيقة

باب في العقيقة ومتى يعق

الأصل في العقيقة: حديث أبي بردة، قال: "عق النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين " ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى" أخرجه البخاري .

وتعتبر في العقيقة سبعة أوجه :

فالأول: هل الذكر والأنثى فيها سواء.

والثاني: هل هي واجبة أو مستحبة؟ [ ص: 1586 ]

والثالث: هل تختص بالغنم أو من جملة الأنعام؟

والرابع: سنها.

والخامس: سلامتها من العيوب.

والسادس: الوقت الذي يتقرب فيه بها: مبتدأه ومنتهاه.

والسابع: ما يصنع بلحمها.

فقال مالك في كتاب محمد : الذكر والأنثى في ذلك سواء، شاة عن كل واحد . وهو قول ابن عمر - رضي الله عنهما - .

وقالت عائشة - رضي الله عنها -: عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة . وبه قال الشافعي وأبو حنيفة . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الغلام شاتان والجارية شاة" ، وفي سنده مقال . [ ص: 1587 ]

والقول الأول أصوب; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما" . وهذا أصح سندا، ولو كان الأمر على ما قال: لقال في الغلام عقيقتان، وأهريقوا عنه دمين .

وهي مستحبة، لا يأثم تاركها، ويستحب أن تكون من الغنم: الضأن والمعز.

واختلف: هل تكون من الإبل والبقر ؟ فأجاز ذلك مالك في كتاب ابن حبيب . وقال في العتبية: لا تجزئ، قال: والسنة أنها من الغنم . وهو قول محمد بن المواز .

والأول أحسن; لأن كل هذه الأصناف مما يتقرب بها إلى الله -عز وجل-، ومحمل الحديث بذكر الشاة تخفيف عن أمته. [ ص: 1588 ]

وأسنانها أسنان الأضاحي، قال مالك في كتاب ابن حبيب : الذي يجزئ من سنها: الجذع من الضأن، والثني من المعز وغيرها . قال في الموطأ: وهي بمنزلة النسك والضحايا، لا يجوز فيها عرجاء ولا عوراء ولا مكسورة ولا مريضة ولا عجفاء، ولا يباع من لحمها شيء .

وأما الوقت الذي يتقرب بها فيه فيوم سابع المولود، لا تقدم عنه ولا تؤخر عنه; لحديث سمرة - رضي الله عنه -، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الغلام مرتهن بعقيقته ويذبح عنه يوم السابع ويسمى ويحلق رأسه" .

فإن ولد قبل الفجر احتسب بذلك اليوم، وذبح يوم السابع ضحى، قال مالك في كتاب محمد : ساعة تذبح الضحايا .

وقال في المبسوط: فإن ذبح قبل ذلك لم يجزئه، وتنحر أخرى ضحى.

وقال عبد الملك : إن ذبح بعد الفجر أجزأه .

وقال ابن القاسم في العتبية: إن عق ليلا لم يجزئه، وأعاد . [ ص: 1589 ]

واختلف إذا ولد بعد الفجر: فقال مالك : لا يحتسب بعد ذلك اليوم وتحتسب سبعة أيام سواه. وقال في ثمانية أبي زيد : إن ولد بعد الفجر في شباب النهار، وذلك من غدوة إلى نصف النهار، فقال : أجزأه. ثم رجع إلى ما في المدونة.

وقال عبد الملك بن الماجشون عن أبيه أنه كان يقول: يحتسب بذلك اليوم، وإن ولد في بقيته قل ذلك أو كثر. قال عبد الملك : وبه أقول.

قال أصبغ : أحب إلي أن يلغي ذلك اليوم، فإن احتسب به، ثم عق إلى مقداره من اليوم السابع إلى مقداره نهارا أجزأه.

وقول عبد الملك في ذلك أحسن: إنه تجزئه إذا ذبح بعد الفجر; لوجهين:

أحدهما: أن الحديث ورد بذبحها في السابع مطلقا، وهذا قد ذبح في السابع.

والثاني: أن ردها إلى الهدايا أولى من ردها إلى الضحايا; لأن الضحايا إنما يتبع فيها صلاة الإمام في اليوم الأول، ولهذا أجزأ ذبحها في اليومين الآخرين إذا طلع الفجر، والاحتساب إذا ولد بعد الفجر إلى مثل ذلك الوقت وإن كان في آخر النهار حسن; لأنه داخل في الحديث أنه قال: "في السابع" . [ ص: 1590 ]

وآخر وقتها غروب الشمس من اليوم السابع ، فإن فات: فذبح في غد، وهو اليوم الثامن فحسن; لأنه السابع على أحد قولي مالك : أنه يلغى ذلك اليوم الذي ولد فيه.

واختلف فيمن فاته اليوم السابع : فقال مالك : قد فاتته العقيقة .

وروى عنه ابن وهب أنه قال: يعق في الثاني، فإن لم يفعل ففي الثالث، فإن فاته فلا يعق بعد.

وفي مختصر الوقار: إن فات في الأول عق في الثاني، فإن فاته فلا عقيقة.

وقول مالك إن العقيقة تختص بالسابع الأول أولى ; للحديث: أنه يعق عنه يوم سابعه . ولم يرد حديث بغير ذلك، ولو صح أن يعق في غير الأسبوع الأول لعق في الخامس والسابع.

وقال مالك في العتبية فيمن كان سابع ابنه يوم الأضحى، وليس عنده إلا شاة، قال: يعق بها . قال العتبي: إلا أن يكون السابع آخر أيام النحر; فتكون الأضحية أولى . [ ص: 1591 ]

قال الشيخ - رضي الله عنه -: أو يكون ممن لا يرجو بالصبر إلى آخر أيام النحر أن يتيسر له ما يضحي به; فيذبح هذه عن الأضحية; لأنها آكد.

ويسمى المولود إن كان ممن يعق عنه للحديث، فإن كان لا يعق عنه; فلا بأس أن يسمى يوم ولد، "وقد أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة يوم ولد، فحنكه بتمرة، وسماه عبد الله" .

ومن مات قبل السابع; لم يعق عنه.

واختلف في حلاق رأس الصبي يوم السابع والصدقة بوزنه، فقال مالك في الموطأ: "وزنت فاطمة - رضي الله عنه - بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بوزن ذلك فضة" .

وقال مالك في كتاب محمد : وما هو من عمل الناس وما ذلك عليهم ، [ ص: 1592 ] وبالأول أخذ ابن حبيب .

قال مالك : ولا يختن يوم السابع ،وليختن يوم يطيق ذلك، ولا بأس بكسر عظام العقيقة، ويأكل منها، ويتصدق بها، ويطعم الجيران، قال: فأما أن يدعى إليها الرجال، فإني أكره التقحم. يريد: أنه يبعث إلى الجيران ولا يدعوهم.

قال ابن القاسم : ولا يعجبني أن يجعله صنيعا يدعو إليه .

قال ابن حبيب : وحسن أن يوسع بغير شاة العقيقة; لإكثار الطعام، ويدعو الناس إليه ، قال: وروي أن ابن عمر - رضي الله عنه - ونافع بن جبير : كانا يدعوان إلى الولادة .

قال مالك : ولا يمس الصبي بشيء من دمها ، وإنه ليقع في قلبي من شأن العقيقة أن النصارى واليهود يعملون ما يجعلونهم فيه، يقولون: أدخلناهم في الدين. وإن من شأن المسلمين العقيقة .

وقال ابن حبيب في قول مالك : يكسر عظامها. لما كانت الجاهلية عليه: يقطعونها من المفاصل، ويحلقون رأس الصبي، ويجعلون على رأسه من دمها في قطنة. قال ابن حبيب : ويجعلون مكان الدم خلوقا . [ ص: 1593 ]

وروي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال مالك : ويعق عن اليتيم إذا كانت له سعة .

وقال في العتبية: الذبيح إسحاق - عليه السلام - . وقال ابن حبيب : هو إسماعيل ، وهو قول العراقيين . والله أعلم .

تم كتاب العقيقة بحمد الله وحسن عونه

وصلى الله على سيدنا محمد نبيه

التالي السابق


الخدمات العلمية