صفحة جزء
فصل [في ضرب الحد في شرب الخمر وفي رائحتها]

قال مالك : كل ما أسكر من الأشربة كلها، وإن كان من حنطة أو شعير أو غير ذلك، فهو خمر يضرب فيه ثمانين، وفي رائحته إذا شهد عليها أنها رائحة الخمر ثمانين .

قال الشيخ: الحد يقام في الخمر بثلاث: معاينة الشرب إذا بقي مما يشرب ما يعلم أنه خمر، وبالرائحة توجد منه من فيه أنها رائحة الخمر، وإذا تقيأها. قاله محمد .

قال : وقد جلد عمر - رضي الله عنه - في القيء، وقال: "لا وربك ما قاءها حتى شربها" . وإن أشكل الأمر في الرائحة هل هي خمر أم لا، وعليه دليل أنها [ ص: 1626 ] خمر لتغير عقله وتخليطه حمل على أنه خمر، وإن لم يكن دليل لم يحد.

وقال عبد الملك بن الماجشون في كتاب محمد : وقد يختبر بالقراءة التي لا شك في معرفته إياها من السور القصار، وقد يستحسن عند الإشكال، فإن هو لم يقرأ والتاث واختلط فقد شرب مسكرا، وصارت حالته في ذلك شاهدا عليه- فعليه الحد، وإن كان في كلامه اختلاط، وليس عليه رائحة خمر ولا شك فيها، لم يحد .

قال أبو الحسن ابن القصار : وصفة الشهادة على الرائحة أن تكون ممن شربها في وقت إما في حال كفرهما أو في إسلامهما، فحدا، ثم تابا.

وسئل ابن القاسم عن الاستنكاه أيعمل به؟ قال: نعم . وهو من رأس الفقه.

قال الشيخ: وقد أخرج مسلم في صحيحه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يستنكه ماعز، هل شرب خمرا" .

ففيه دليلان: أحدهما: أن الرائحة يقضى بها. والثاني: أن إقرار السكران غير لازم. وقال مالك في كتاب محمد : إذا لم يدر ما تلك الرائحة جلد نكالا، [ ص: 1627 ] ذلك على قدر سفهه . [ ص: 1628 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية