صفحة جزء
فصل [فيمن غر من الزوجين والتداعي في ذلك]

وإذا ردت الزوجة بشيء من العيوب المتقدم ذكرها - رجع الزوج بجميع الصداق، وسواء دخل أو لم يدخل. فإن كان الغرور من الولي - رجع عليه. وإن كان الغرور منها -رجع عليها، ويترك لها ربع دينار. وإن غراه جميعا -الولي والمرأة - كان بالخيار بين أن يرجع على المرأة -ولا رجوع لها على الولي- [ ص: 1897 ] أو يرجع على الولي، ويرجع الولي عليها. وحمل مالك الأب والابن والأخ على المعرفة به، وجعل الرجوع عليه دونها.

قال في "كتاب محمد ": ولا يرجع الزوج عليها; لأنه ليس عليها أن تخرج فتخبر بعيبها، ولا أن ترسل إليه لأن لها وليا. قال: والبكر والثيب في ذلك سواء . يقول إن كانت بكرا: فالأمر إلى الأب، وعليه أن يخبر ، وإن كانت ثيبا: فإنما وكلته على أن تتبرأ منه. وإن كان العاقد عما أو ابن عم أو من العشيرة أو من الموالي أو السلطان - كان الرجوع عليها، وحمل على الولي أنه غير عالم، حتى يثبت أنه عالم.

والولي والمرأة في العيوب على ثلاثة أقسام: قسم يحمل جميعهم فيه على العلم به، وقسم يحمل الأب فيه على العلم دونهم، وقسم يحمل جميعهم على الجهل به.

فالأول: الجنون والجذام، وهما عيوب من العيوب الظاهرة التي لا تخفى على الأقارب، بل لا تخفى في الغالب على الجيران.

والثاني: البرص، وإن كان في الوجه والذراع والساق - كان كالأول، محملهم فيه على العلم; لأن الحديث عنه من نساء الأقارب فيكثر وإن كان مما يواريه الثياب كان محمل الأب والأخ فيه على العلم دون الأقارب.

وأما عيب الفرج فإن كان مما لا يخفى على الأم في حين التربية، ومثل ذلك [ ص: 1898 ] الأب لأنه ممن يطلع عليه، ويخبر به - كان محمله على العلم، فإن كان مما يخفى على الأم مثل أن يكون بذلك الموضع غلظ لا يتميز إلا عند حاجة الرجل إليها، أو تكون الأم ماتت من نفاسها، أو تكون ربتها ثم ماتت، وثبت أن ذلك حدث بعد كالعفل، أو يكون الأب ممن له القدر، ولا يحب أن يذكر ما يكون بابنته من ذلك - حمل على الجهل به، ورجع عليها دونه.

وأما الأخ فيبعد أن يحمل على المعرفة بعيب الفرج، أو يتحدث معه بمثل ذلك. وقد قال مالك في "كتاب محمد " في الأب والابن والأخ: إن علم به أنه لم يعلم; فلا شيء عليه . وقوله هذا يتصور في مثل ما تقدم ذكره.

واختلف إذا كان الولي عديما هل يرجع عليها؟ فمنع ذلك مالك وقال: لم يكن عليها أن تخرج، فتخبر بعيبها، ولا ترسل إليه. وقال ابن حبيب : إن وجب الرجوع على الولي، وكان عديما، والمرأة موسرة; رجع الزوج عليها، ولم ترجع هي به".

واختلف أيضا إذا كان الولي عما، أو ابن عم، أو من العشيرة، أو السلطان، وادعى الزوج أنه علم، وغره، وأنكر الولي. فقال محمد : يحلف. فإن نكل حلف الزوج أنه علم، وغره، فيما يستقر عنده. فإن نكل; فلا شيء له على الولي، ولا [ ص: 1899 ] على الزوجة، وقد سقطت تباعته عن المرأة بدعواه على الولي .

وقال ابن حبيب : إن حلف الولي - رجع على المرأة . وهو أصوب في السؤالين جميعا. وليس الأمر اليوم على ما قاله محمد ، أنها توكله على أن يخبر بعيبها، بل هي أحرص ألا يذكر ذلك، وهما مدلسان جميعا; فللزوج أن يرجع على الولي، ويرجع الولي عليها; لأن سلعتها المبيعة، قد ردت بالعيب، وهي مدلسة معه. وإن تقدمت إليه في أن يعلم بعيبها فلم يفعل - رأيت أن يرجع عليها بما بين الصحة والداء، وليس لها أن تبيع معيبا، وتأخذ الثمن سالما وفي ذلك ظلم على الولي، إلا أن تكون لهم عادة أنهم لا ينزلون عن صدقات اعتادوها لعيب وإن كانت هي غرت ، ولم يعلم الولي; رجع عليها، وإن علم كان بالخيار يبدأ بأيهما أحب; لأن ذلك غرور منهما. [ ص: 1900 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية