صفحة جزء
فصل [في قبض الصداق وتعجيله والطلاق على من أعسر به]

وإذا أعسر الزوج بالصداق قبل البناء- كان للزوجة أن تطلق عليه بعد التلوم، واختلف في ثلاثة مواضع: أحدها: في قدر التلوم، والثاني: هل يؤخر بشرط وجود النفقة؟ والثالث: هل يطلق على من لا يرجى له من غير [ ص: 2017 ] أجل؟ فقال مالك في المدونة: يتلوم له مرة بعد مرة على قدر ما يرى إذا أجرى النفقة، وليس الناس في ذلك سواء، منهم من يرجى له ومنهم من لا يرجى له. ولم يؤقت.

وقال في كتاب محمد: يؤخر السنتين ولا يعجل بعد السنتين حتى يتلوم له تلوم آخر السنة وشبهها.

وقال ابن حبيب: إن اتهم أن يكون أخفى ماله- لم يوسع في الأجل، وإن تبين عجزه عن الصداق وعن النفقة - لم يوسع أيضا في الأجل، ويؤخر الأشهر، والسنة أكثره.

وقال سحنون في كتاب ابنه فيمن يبيع الفاكهة، وأقام بينة بعدم الصداق، وقامت الزوجة بالفراق، وقال الزوج: أجلوني، فلا يؤجل مثل هذا؛ لأنه لا يرجى له شيء.

وقال مالك في مختصر ما ليس في المختصر: إن أعسر بالصداق قبل البناء، [ ص: 2018 ] فإن عرف بالخلابة فرق بينهما، وإن كان من أهل الهيئة والحال انتظر به.

يريد في الأول: أنه يفرق من غير أجل، وأرى إن غير فتزوج بعبد أو دار، ولا شبهة له فيها، ولا يد له عليه وبنى بها؛ أن لها أن تمنع نفسها حتى تأخذ قيمة ذلك، وإن كان عديما فرق بينهما، ولا يؤخذ الحق بالباطل. وقول سحنون فيمن لا يرجى له شيء حسن، إلا أن يذكر وجها يرجى منه، فينظر إن أتى لذلك بشبهة.

وأما من يرجى له، فإن كان قيامها بقرب العقد؛ أخر السنة والسنتين، وإن أقامت بعد أن طالت المدة، وبعد مضي السنتين، والثلاث- كان زيادة السنة وما قارب ذلك حسنا.

وأما النفقة فالأصل أنها لا تستحق إلا بعد الدخول. وإذا لم يمكن من البناء، لم تكن نفقة، هذا هو الأصل، وإنما طولب بالنفقة مع عدم البناء استحسانا، لتغليب أحد الضررين. وقول ابن حبيب في ذلك حسن. [ ص: 2019 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية