إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكيفيته أن يستاك بخشب الأراك أو غيره من قضبان الأشجار مما يخشن ويزيل القلح ويستاك عرضا وطولا وإن اقتصر فعرضا .


(وكيفيته أن يستاك بخشب الأراك) شجر من الحمض يستاك بقضبانه والواحدة أراكة ويقال: هي شجرة طويلة ناعمة كثيرة الورق والأغصان خوارة العود ولها ثمر في عناقيد يسمى البربر يملأ العنقود الكف، وفي الشتاء هو أفضل ما يستاك به بأصله وفرعه من الشجر ونباته في بطون الأودية وربما نبت في الجبال وذلك قليل .

فقول المصنف: بخشب الأراك أعم من الأصل والفرع والمعروف الآن في استعمال أصله المتبطن في الأرض يحفر عليه فيخرج، وهو طري ويقلع على قدر الشبر وأكثر وينشف ويرسل إلى سائر البلدان (أو غيره من قضبان الأشجار) جمع قضيب، وهو الغصن الناعم كجريد النخل وعرجونه والزيتون وبكل ما له رائحة كالسعد (مما يخشن) لمسه (ويزيل القلح) محركة وهي صفرة تعلو الأسنان وخضرة كالخرقة الخشنة ونحوها نعم لو كان جزء منه كإصبعه الخشنة ففيه ثلاثة أوجه أظهرها لا، والثاني موافق لأبي حنيفة ومالك، فإنهما قالا: يجزئ ويكره من العود الآس والتين والرمان والريحان واللفت؛ طبا، فإن الاستياك من كل ذلك يورث أمراضا خاصة (ويستاك) الإنسان (عرضا) لما ورد إذا استكتم فاستاكوا عرضا، رواه أبو داود في مراسيله، والمراد عرض الأسنان، ويستاك أيضا (طولا) ، وهو الذي فسر به الشوص على أحد الأقوال، وهو من سفل إلى علو، وقال النووي في الروضة: كره جماعات من أصحابنا الاستياك طولا أي لأنه يجرح اللثة (وإن اقتصر فعرضا) ; لأنه يحصل به المقصود وهو كذلك بعينه المنقول عن أصحابنا، وذكره المصنف في الوسيط أيضا ولم يذكر المصنف استياك اللسان فقد ورد ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان وأبو داود والنسائي من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته يستن بسواك بيده يقول: أع أع والسواك في فيه كأنه يتهوع، هذا لفظ البخاري وهي بضم الهمزة فيهما، وفي رواية غير أبي ذر بفتحهما، وعند ابن عساكر بالإعجام، وعند النسائي: عا عا، وعند أبي داود أه أه، وفي صحيح الجوزقي: إخ إخ بكسرهما والخاء معجمة، وإنما اختلفت الروايات لتقارب مخارج هذه الأحرف وكلها ترجع إلى حكاية صوته صلى الله عليه وسلم; إذ جعل السواك على طرف لسانه، كما عند مسلم والمراد طرفه الداخل، كما عند أحمد: يستن إلى فوق .

التالي السابق


الخدمات العلمية