إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
أو كان ملكا لغيره ولم يبعه إلا بأكثر من ثمن المثل .


ثم أشار إلى السبب الرابع من أسباب العجز بقوله : (أو كان) الماء (ملكا لغيره ولم يبع منه إلا بأكثر من ثمن المثل) لا يلزمه الشراء ويتيمم ، وقال بعضهم : إن بيع بزيادة يتغابن الناس بمثلها وجب الشراء ولا عبرة بتلك الزيادة ، وإن كان البيع نسيئة وزيد بسبب التأجيل ما يليق به فهو بيع بثمن المثل على أظهر الوجهين ، وإن زاد المبلغ على ثمن مثله نقدا وجب الشراء ولو ملك الثمن ، وكان حاضرا عنده ، لكن كان محتاجا إليه لدين مستغرق في ذمته أو لنفقته ونفقة رفيقه أو لحيوان محترم معه أو لسائر مؤنات سفره في ذهابه وإيابه لم يجب عليه الشراء ، واختلف في ثمن مثل الماء على ثلاثة أوجه أحدها أن ثمن مثله قدر أجرة نقله إلى الموضع الذي فيه الشخص ، والثاني أنه يعتبر ثمن مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات ولا يعتبر ذلك الوقت بخصوصه والثالث أنه يعتبر في ذلك الموضع في الحالة ، فإن لكل شيء سوقا يرتفع وينخفض فيه وثمن مثل الشيء ما يليق به في تلك الحالة الأول اختاره المصنف وتبعه كثيرون ، والثاني منقول عن أبي إسحق ، واختاره الروياني والثالث هو الأظهر عند الأكثرين من الأصحاب وقول المصنف : أو كان ملكا لغيره ، وكذا قوله في الوسيط : إن ثمن مثله أجرة نقله فبه يعرف الرغبة في الماء ، وإن كان مملوكا على الأصح فيه إشارة إلى أن الوجه الذي اختاره ليس مبنيا على أن الماء لا يملك ، كما ذهب إليه شيخه إمام الحرمين وتابعه المسعودي ، فإن القول به وجه ضعيف في المذهب فليكن كذلك ما هو مبني عليه . (فصل)

وقال أصحابنا : يجب طلب الماء ممن هو معه إن كان في محل لا تشح به النفوس ، وإن لم يعطه إلا بثمن مثله لزمه شراؤه به وبزيادة يسيرة لا بزيادة غبن فاحش ، وهو ضعف القيمة وقيل : شطرها وقيل ما لا يدخل تحت تقويم المقومين إن كان الثمن معه فاضلا عن نفقته وأجرة حمله ، وأما للعطش فيجب على القادر شراؤه بأضعاف قيمته إحياء لنفسه .

(لطيفة)

ذكر صاحب الأشباه في فن الحكايات احتاج الإمام أبو حنيفة إلى الماء في طريق الحاج فساوم أعرابيا قربة ماء فلم يبعه إلا بخمسة دراهم فاشتراه بها ، ثم قال : كيف أنت بالسويق ؟ فقال : أريده فوضعه بين يديه فأكل ما أراد وعطش فطلب الماء فلم يعطه حتى اشترى منه شربة ماء بخمسة دراهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية